رأيه اليُمن والبركة، وكان أخوه الشيخ أبو عمر مع كونه الأكبر، لا يكاد يعمل أمراً حتى يشاوره.
سمعت الإمام الزاهد أبا عبد الله محمد بن أبي الحسين اليونيني، قال: كنت بعض الأوقات ألازم القراءة وبعضها أتركها، فقال لي الموفق: يا فُلان، في صورة من يأتيك إبليس؟ قلت: في صورة أويس القَرَني، قال: ما يقول لك؟ قلت: يقول لي: ما أحب أن أكون محدّثاً ولا مفتياً ولا قاصّاً، في نفسي شغل عن الناس، فقال: والله مليح ما يقوله لك، أفيقول لك: هذه ليلة السجود فتسجد إلى الصباح، هذه ليلة البكاء فتبكي إلى الصباح؟ قلت: لا، قال: هذا مقصوده أنك تُبطل العلم وتفوتك فضيلته، وما يحصل لك فعل أويس، فبعد ذلك ما جاءني إبليس في هذا المعنى.
قال الضياء: وكان لا ينافس أهل الدنيا، ولا يكاد أحد يسمعه يشكو، وربما كان أكثر حاجة من غيره، وكان إذا حصل عنده شيءٌ من الدنيا فرّقه ولم يتركه، وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول: كان فيه من الشجاعة، كان يتقدّم إلى العدوّ، ولقد أصابه على القُدس جُرح في كفه، ولقد رأيت أنا منه على قلعة صَفَد، وكنا نُرامي الكفّار، فكان هو يجعل النشابة في القوس، ويرى الكافر أنه يرميه فيتَتَرسُ منه، يفعل ذلك غير مرّة، ولا يرمي حتى تمكنه فرصة.
ولما مات ابنه أبو الفضل محمد بهمذان، جاءه خبره، فحدّثني بعض منْ حضره أنه استرجع، وقام يصلّي.
قلت: كان فاضلاً، مشتغلاً، عاش نيّفاً وعشرين سنة.
قال: ولما مات ابنه أبو المجد عيسى، وكنا عنده، صَبَر، واحتسب، وسمعت عنه أنه كان لا يطلب من أهل بيته أن يغسلوا ثيابه، ولا يطبخوا، ولا يكلّفهم شيئاً، بل هو عندهم مثل الضيف، إن جاؤوا بشيء أكل، وإلا سكت، وكان يُصلي صلاة حسنة بخشوع، وحسن ركوع، وسجود، ولا يكاد يصلي سُنّة الفجر والمغرب والعشاء، إلا في بيته، اتّباعاً للسُنّة، وكان يصلي كل ليلة بين العشاءين رَكعتين بـ الم تنزيل السجدة، وتبارك الذي بيده المُلك