انهزموا، وثقله ينهب، وكثير من أمرائه قد قتلوا، ووزيره قد أسر، ورأى ثبات ابن أخيه.
فأخذ في المخادعة وأرسل إلى محمود ابن أخيه، يقول: أنت ابن أخي وولدي، وما أؤاخذك؛ لأنك محمول على ما صنعت، ولا أؤاخذ أصحابك؛ لأنهم لم يطلعوا على حسن نيتي لهم. فقال محمود: أنا مملوكه، ثم جاء بنفسه، وسنجر قد جلس على سرير، فقبل الأرض.
فقام له سنجر، واعتنقه وقبله، وأجلسه معه، وخلع عليه خلعة عظيمة، كان على سرج فرس الخلعة جوهر بعشرين ألف دينار، وأكل معه، وخلع على أمرائه. وأفرد له أصبهان يكون حاكمًا عليها، وعلى مملكة فارس وخوزستان. وجعله ولي عهده، وزوجه بابنته، ثم عاد إلى خراسان، ثم جاءت رسله بالتقادم إلى الخليفة.
وفيها اجتمع عسكر طغتكين وإيلغازي، وخرج صاحب أنطاكية في عشرين ألفًا، فالتقوا بأرض حلب، فانهزم الملعون، وقتل من أصحابه خلق، وأسر خلق، ولم ينج إلا الأقل. وفرح المؤمنون بهذه الوقعة الهائلة، وقد ذكرها أبو يعلى حمزة، فقال: ولم تمض ساعة إلا والإفرنج على الأرض بسطحة واحدة، فارسهم وراجلهم، بحيث لم يفلت منهم شخص يخبر خبرهم. وقتل طاغيتهم صاحب أنطاكية، ولم يتفق مثل هذا الفتح للمسلمين.
وفيها وقعت الفتنة والمباينة بين الأفضل أمير الجيوش وبين الآمر، واحترز كل منهما. وحرض الأفضل على اغتيال الآمر، ودس إليه السم مرارًا، فلم يقدر، وجرت لهما أمور طويلة.
وفيها خلع على أبي علي بن صدقة، ولقب جلال الدين.
ووردت كتب من السلطان سنجر، فيها أقطاع للخليفة بخمسين ألف دينار، وللوزير ببضعة آلاف دينار، ثم جاء من سنجر هدايا، ثلاثين تختًا من الثياب، وتحف وعشرة مماليك.
وفي آخر السنة زاد التضييق على الأمير أبي الحسن، وسد عليه الباب، وكان ينزل إليه ما يصلحه من طاقة.
وفيها ولي منكبرس شحنكية بغداد، فظلم وعسف، وعثر الرعية، وضج