يقولون لي: أودى كثير بن أحمد وذلك مرزوء علي جليل فقلت: دعوني والبكا نبكه معاً فمثل كثير في الرجال قليل
وورد أن الصاحب جمع من الكتب ما كان يحتاج في نقلها إلى أربعمائة جمل، ولما عزم على الإملاء، تاب إلى الله، واتخذ لنفسه بيتاً سماه بيت التوبة ولبث أسبوعاً على الخير، ثم أخذ خطوط الفقهاء بصحة توبته، ثم جلس للإملاء، وحضر خلق كثير، منهم القاضي عبد الجبار بن أحمد.
وكان الصاحب ينفذ في السنة إلى بغداد خمسة آلاف دينار، تفرق على الفقهاء والأدباء، وكان يبغض من يميل إلى الفلسفة، ومرض بالأهواز بالإسهال، فكان إذا قام عن الطست، ترك إلى جانبه عشرة دنانير، حتى لا يتبرم به الخدم، فكانوا يودون دوام علته، ولما عوفي تصدق بنحو من خمسين ألف دينار. وله ديوان شعر.
وقد مدحه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخازن الشاعر بقصيدته المشهورة، وهي:
هذا فؤادك نهبي بين أهواء وذاك رأيك شأوي بين آراء هواك بين العيون النجل مقتسم داء لعمرك ما أبلاه من داء لا يستقر بأرض أو يسير إلى أخرى بشخص قريب عزمه نائي يوماً بحزوى ويوماً بالكثيب ويو ماً بالعذيب ويوماً بالخليصاء
منها:
صبية الحي لم تقنع بها سكناً حتى علقت صبايا كل أحياء. أدعى بأسماء نبزاً في قبائلها كأن أسماء أضحى بعض أسمائي ثنت أناملها عني وقد دميت من مهجتي فادعتها وشي حناء
وهي طويلة.
وقيل: إن نوح بن منصور الساماني كتب إليه يستدعيه ليفوض إليه وزارته، فاعتل بأنه يحتاج لنقل كتبه خاصة أربعمائة جمل، فما الظن بما يليق به من التجمل.