من الشام، ومات الملك العادل في وسط الشدة، واستراح.
وفي ربيع الآخر كسر الملك الأشرف ابن العادل ملك الروم كيكاوس. ثم جمع الأشرف عساكره وعسكر حلب، ودخل بلد الفرنج ليشغلهم بأنفسهم عن قصد دمياط، فنزل على صافيثا وحصن الأكراد، فخرج ملك الروم ووصل إلى رعبان يريد أن يملك حلب، فنزل إليه الملك الأفضل من سميساط، فأخذا رعبان وتل باشر، فرد الملكُ الأشرفُ إلى حلب، ونزل على الباب وبزاعة، وقدم بين يديه العرب. وقدم الروم يعملون مصافاً مع العرب فكسرهم العرب، وبعث الأشرف نجدة من عسكره إلى دمياط.
وفي جمادى الأولى أخذت الفرنج من دمياط برج السلسلة، فبعث الكامل يستصرخ بأبيه، فدق أبوه - لما بلغه الخبر - بيده، ومرض مرضة الموت.
قال أبو شامة: وضرب شيخنا علم الدين السخاوي بيد على يد، ورأيته يعظم أمر البرج، وقال: هو قفل الديار المصرية. وقد رأيته وهو برج عالٍ في وسط النيل، ودمياط بحذائه من شرقيه، والجيزة بحذائه على حافة النيل من غربيه، وفي ناحيته سلسلتان، تمتد إحداهما على النيل إلى دمياط، والأخرى على النيل إلى الجيزة، تمنعان عُبور المراكب من البحر المالح.
وفي جمادى الآخرة التقى المعظم والفرنج على القيمون، فنصره الله، وقتل منهم خلقاً، وأسر مائة فارس.
قال: وفيها وصل رسول خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش إلى العادل، فبعث في جوابه الخطيب جمال الدين محمد الدولعي، والنجم خليل قاضي العسكر، فوصلا إلى همذان، فوجدا خُوارزم شاه قد اندفع من بين يدي الخطا والتتار، وقد خامر عليه عسكره، فسار إلى بخارى، فاجتمع المذكوران بولده جلال الدين، فأخبرهما بوفاة العادل الذي أرسلهما. وكان الخطيب قد استناب ابنه يونس ولم تكن له أهلية، فولي الموفق عمر بن يوسف خطيب