جماعة، وكان يسكن بمصر، فلما ركب من داره وثبوا عليه فقتلوه في سلخ رمضان من هذه السنة، وخلف من الأموال ما لم يسمع بمثله.
قال ابن الأثير: كانت ولايته ثمانيا وعشرين سنة، وكان الإسماعيلية يكرهونه لأسباب، منها: تضييقه على إمامهم، وتركه ما يجب عندهم سلوكه معهم، وتركه معارضة أهل السنة في اعتقادهم، والنهي عن معارضتهم، وإذنه للناس في إظهار معتقداتهم، والمناظرة عليها.
قال: وكان حسن السيرة، عادلًا، يحكى أنه لما قتل وظهر الظلم بعده اجتمع جماعة، واستغاثوا إلى الخليفة، وكان من جملة قولهم: إنهم لعنوا الأفضل، فسألهم عن سبب لعنته، فقالوا: إنه عدل وأحسن السيرة، ففارقنا بلادنا وأوطاننا، وقصدنا بلاده لعدله، فقد أصابنا هذا الظلم، فهو كان سبب ظلمنا، فأمر الخليفة بالإحسان إليهم وإلى الناس، وقيل: إن الآمر بأحكام الله وضع عليه من قتله، وكان قد فسد ما بينهما، وكان أبو عبد الله البطائحي هو الغالب على أمر الأفضل، فأسر إليه الآمر أن يعمل على تلافه، ووعده بمنصبه، فلما قتل ولي البطائحي وزارة الآمر، ولقب بالمأمون، وبقي إلى سنة تسع عشرة وصلب.
وقال سبط الجوزي في ترجمة الأفضل، ووضعها في سنة ست عشرة، وكأنه وهم، قال: إن الأفضل ولد بعكا سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، قال أبو يعلى ابن القلانسي: وكان الأفضل حسن الاعتقاد، سنيا، حميد السيرة مؤثرًا للعدل، كريم الأخلاق، صادق الحديث، لم يأت الزمان بمثله، ولا حمد التدبير عند فقده، واستولى الآمر على خزائنه، وجميع أسبابه.
وكان الأفضل جوادًا ممدحًا، مدحه جماعة، منهم قاضي مصر القاضي الرشيد أحمد بن القاسم الصقلي صاحب الديوان الشعر.