للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمانين للملك الظاهر، فأعطاه صلاح الدين الكرك، وقضاياه مشهورة مع الأفضل والعزيز. وآخر الأمر استقل بمملكة الديار المصرية. ودخل القاهرة في ربيع الآخر سنة ست وتسعين، وملك معها البلاد الشامية والشرقية، وصفت له الدنيا. ثم ملك اليمن سنة اثنتي عشرة وستمائة، وسير إليها ولد ولده الملك المسعود صلاح الدين يوسف المنعوت بأقسيس ابن الكامل. وكان ولده نجم الدين - الملك الأوحد - ينوب عنه بميّافارقين، فاستولى على خلاط، وبلاد أرمينية في سنة أربع وستمائة. ولما تمهدت له البلاد، قسمها بين أولاده الكامل، والمعظَّم، والأشرف. وكان عظم ملكه، وجميل سيرته، وحسن عقيدته، ووفور دينه، وحزمه، وميله إلى العلماء مشهوراً؛ حتى صنف له فخر الدين الرازي كتاب تأسيس التقديس وسيره إليه من خراسان. ولما قسم الممالك بين أولاده كان يتردد بينهم، وينتقل من مملكة إلى أخرى، وكان في الغالب يضيف بالشام، ويشتي بالديار المصرية.

قال: وحاصل الأمر أنه تمتع من الدنيا، ونال منها ما لم ينله غيره. قال: وولد بدمشق في المحرم سنة أربعين، وقيل: سنة ثمان وثلاثين.

قلت: ولما افتتح ولده إقليم أرمينية فرح العادل فرحاً عظيماً، وسير أستاذ داره ألدكز، وقاضي العسكر نجم الدين خليل إلى الخليفة يطلب التقليد بمصر والشام وخلاط وبلاد الجزيرة، فأكرما، وأرسل إليه الشيخ شهاب الدين السهروردي بالتشريف، ومرّ بحلب ووعظ بها، واحترمه الظاهر، وبعث معه بهاء الدين ابن شداد بثلاثة آلاف دينار ينثرها إذا لبس العادل الخلعة. وتلقاه العادل إلى القصر، وكان يوماً مشهوداً ثم من الغد أفيضت عليه الخلع، وهي جبة سوداء بطراز ذهب، وعمامة سوداء بطراز ذهب، وطوق ذهب فيه جوهر. وقلِّد بسيف محلى جميع قرابه بذهب، وحصان أشهب بمركب ذهب، وعلم أسود مكتوب فيه بالبياض ألقاب الناصر لدين الله.

ثم خلع السهروردي على المعظم والأشرف، لكل واحد عمامة سوداء، وثوب أسود واسع الكم. وخلع على الصاحب ابن شكر كذلك، ونثر الذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>