قال عبد الواحد بن الحصين: سار ألب أرسلان في سنة ثلاث وستين إلى ديار بكر، فخرج إليه نصر بن مروان، وخدمه بمائة ألف دينار. ثم سار إلى حلب ومنّ على ملكها. ثم غزا الروم، فصادف مقدم جيشه عند خلاط عشرة آلاف، فانتصر عليهم، وأسر مقدمهم. والتقى ألب أرسلان وعظيم الروم بين خلاط ومنازكرد في ذي القعدة من العام، وكان في مائتي ألف، والسلطان في خمسة عشر ألفاً. فأرسل إليه السلطان في الهدنة. فقال الكلب: الهدنة تكون بالري. فعزم السلطان على قتاله، فلقيه يوم الجمعة في سابع ذي القعدة، فنصر عليه، وقتل في جيشه قتلاً ذريعاً، وأسره ثم ضربه ثلاث مقارع، وقطع عليه ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار، وأي وقت طلبه السلطان بعساكره حضر، وأن يسلم إليه كل أسير من المسلمين عنده. وأعز الله الإسلام وأذل الشرك.
وكان السلطان ألب أرسلان في أواخر الأمر من أعدل الناس، وأحسنهم سيرة، وأرغبهم في الجهاد وفي نصر الدين. وقنع من الرعية بالخراج الأصلي. وكان يتصدق في كل رمضان بأربعة آلاف دينار ببلخ، ومرو، وهراة، ونيسابور، ويتصدق بحضرته بعشرة آلاف دينار.
ورافع بعض الكتاب نظام الملك بقصة، فدعا النظام وقال له: خذ هذه الورقة، فإن صدقوا فيما كتبوه فهذب أحوالك، وإن كذبوا فاغفر لكاتبها وأشغله بمهم من مهمات الديوان حتى يعرض عن الكذب.
وغزا السلطان في أول سنة خمس وستين جيحون. فعبر جيشه في نيف وعشرين يوماً من صفر، وكان معه زيادة على مائتي ألف فارس، وقصد شمس الملك تكين بن طغماج. وأتاه أعوانه بوالي قلعة اسمه يوسف الخوارزمي، وقربوه إلى سريره مع غلامين، فأمر أن تضرب له أربعة أوتاد وتشد أطرافه إليها، فقال يوسف للسلطان: يا مخنث، مثلي يقتل هذه القتلة؟ فغضب السلطان، فأخذ القوس والنشاب وقال: خلوه. ورماه فأخطأه، ولم يكن يخطئ له سهم، فأسرع يوسف إليه إلى السرير، فنهض السلطان، فنزل فعثر وخر على وجهه، فوصل يوسف، فبرك عليه وضربه بسكين كانت معه في خاصرته، ولحق بعض الخدم يوسف فقتله، وحمل السلطان وهو مثقل، وقضى نحبه. وجلسوا لعزائه ببغداد في ثامن جمادى الآخرة، وعاش أربعين