للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابك. فقال: فرقوه أنتم إن شئتم.

وحدثني بعض من رحل بعدي إلى أصبهان أن رجلًا من الأغنياء أوصى إلى الشيخ أبي موسى بمال كثير يفرقه في البر، فلم يقبل، وقال: بل أوص إلى غيري، وأنا أدلك إلى من تدفعه إليه. ففعل. وفيه من التواضع بحيث إنه يقرئ كل من أراد ذلك من صغير وكبير. ويرشد المبتدئين، حتى رأيته يحفظ صبيانًا القرآن في الألواح. ولا يكاد يستتبع أحدًا إذا مضى إلى موضع، حتى إنني تبعته مرة فقال: ارجع. ثم تبعته، فالتفت إلي مغضبًا وقال لي: ألم أقل لك لا تمش خلفي، أنت إذا مشيت خلفي لا تنفعني، وتبطل عن النسخ؛ وترددت إليه نحوا من سنة ونصف، فما رأيت منه ولا سمعت عنه سقطة تعاب عليه.

وقال محمد بن محمود الرويدشتي: توفي الحافظ أبو موسى في تاسع جمادى الأولى. وكان أبو مسعود كوتاه الحافظ يقول: أبو موسى كنز مخفي.

وقال الحسين بن يوحن الباوري: كنت في مدينة الخان فجاءني رجل فسألني عن رؤيا، قال: رأيت كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي. فقلت: هذه رؤيا الكبار، وإن صدقت رؤياك يموت إمام لا نظير له في زمانه. فإن هذا المنام رئي حالة وفاة الشافعي والثوري وأحمد بن حنبل. قال: فما أمسينا حتى جاءنا الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى.

وعن عبد اللَّه بن محمد الخجندي قال: لما مات أبو موسى لم يكادوا يفرغون حتى جاء مطر عظيم في الحر الشديد، وكان الماء قليلًا بأصبهان.

٣٧ - محمد بن منجح بن عبد اللَّه، أبو شجاع الفقيه الشافعي، الصوفي الواعظ.

توفي ببغداد في ربيع الأول، وكان مولده في سنة خمس وخمسمائة.

وسمع من قاضي المرستان. وتفقه على: أبي محمد عبد اللَّه بن أبي بكر الشاشي؛ وأجاز له ابن طاهر المقدسي. وله شعر حسن. وتفقه أيضًا بالجزيرة على الأستاذ أبي القاسم البزري، وخرج إلى الشام. وولي قضاء بعلبك، ثم عاد إلى بغداد.

ومن شعره:

<<  <  ج: ص:  >  >>