حاجبها. وإنه لا يؤثر أيضًا إثبات ذلك، فأنا ممتثل لأمره المطاع، ملتزم له قانون الاتباع، لا أعرف يدًا ملكتني غير يده، ولا أتصدى إلا لما جعلني بصدده.
قلت: وكان رحمه الله أحدب. فحدثني شيخنا جمال الدين الفاضلي أن القاضي الفاضل ذهب في الرسلية إلى صاحب الموصل، فحضر، وأحضرت فواكه، فقال بعض الكبار منكتًا على الفاضل: خياركم أحدب. فقال الفاضل: خسنا خيرٌ من خياركم.
وحدثني الفاضلي في آخر سنة إحدى وتسعين أن القاضي والعماد الكاتب كانا في الموكب، فقال القاضي الفاضل:
أما الغبار فإنه مما أثارته السنابك
وقال للعماد: أجز. فقال:
فالجو منه مغبرٌ لكن تباشير السنابك يا دهر لي عبد الرحيـ ـم فلا أبالي مس نابك
قلت: وقد سمع أبا طاهر السلفي، وأبا محمد العثماني، وأبا الطاهر بن عوف، وأبا القاسم ابن عساكر الحافظ، وعثمان بن سعيد بن فرج العبدري.
قال المنذري: وزر للسلطان صلاح الدين، وركن إليه ركونًا تامًا، وتقدم عنده كثيرًا. وكان كثير البر والمعروف والصدقة. وله آثار جميلة ظاهرة، مع ما كان عليه من الإغضاء والاحتمال.
توفي في ليلة سابع ربيع الآخر.
وقال الموفق عبد اللطيف: ذِكْر خبر القاضي الفاضل
كانوا ثلاثة إخوة:
واحد منهم خدم في الإسكندرية وبها مات، وخلف من الخواتيم صناديق. ومن الحصر والقدور والخزف بيوتًا مملوءة. وكان متى رأى خاتمًا أو سمع به تسبب في تحصيله.
وأما الآخر فكان له هوس مفرط في تحصيل الكتب، كان عنده زهاء مائتي ألف كتاب، من كل كتاب نسخ.
والثالث القاضي الفاضل، وكان له غرام بالكتابة، وبتحصيل الكتب أيضًا، وكان له الدين والعفاف والتقى، مواظب على أوراد الليل، والصيام والتلاوة. ولما ملك أسد الدين