وفيها جاءت فرقة من التّتار فنازلت ميَّافارقين فحصروها.
وفيها جاءت رُسُل قاءان من بلاد ما وراء النَّهر ورُسُل هولاكو إلى صاحب الشام، فصورة كتاب هولاكو: يعلم سلطان ملك ناصر طال بقاؤه أنّه لما توجَّهنا إلى العراق وخرج إلينا جنودهم، فقتلناهم بسيف الله تعالى، ثمّ خرج إلينا رؤساء البلد ومقدَّموها، فكان قُصارى كلامهم سببًا لهلاك نفوس تستحقّ الإذلال، فأعدمناهم أجمعين، ذلك بما قدّمت أيديهم وبما كانوا يكسبون، وأمّا ما كان من صاحب البلدة، فإنّه خرج إلى خدمتنا، ودخل تحت عبوديّتنا، فسألناه عن أشياء كذبَنَا فيها، فاستحق الإعدام، وكان كذبُه ظاهرًا، ووجدوا ما عملوا حاضرًا، أجِبْ ملك البسيطة، ولا تقولنّ: قِلاعي المانعات ورجالي المقاتلات، ولقد بلغَنَا أنّ شَذَراتٍ من العسكر التجأت إليك هاربة، وإلى جنابك لائذة.
أين المفرُّ ولا مفرَّ لهاربٍ ولنا البسيطان الثَّرى والماءُ فساعَةَ وقوفِك على كتابنا تجعل قلاع الشّام سماءها أرضًا، وطولها عرضًا، والسّلام.
ومن كتاب ثانٍ: خدمة ملك ناصر طال عُمرُه، أما بعد، فإنّا فتحنا بغدادً واستأصلنا ملْكها وملِكها، وكان ظنَّ وقد ضنَّ بالأموال، ولم ينافس في الرجال أن مُلكه يبقى على ذلك الحال، وقد علا ذِكره، ونما قَدْرُه، فخُسِفَ في الكمال بدْره.
إذا تمّ أمرٌ بدا نقْصُهُ توقَّعْ زوالًا إذا قيل تمّ ونحن في طلب الازدياد، على ممرّ الآباد، فلا تكن كالّذين نَسُوا الله فأنساهم أنفسهم، وأبْدِ ما في نفسك، إمّا إمساكٌ بمعروفٍِ أو تسريحٌ بإحسان، أجبْ دعوة ملك البسيطة تأمَنْ شرّه، وتنل بِرَّه، وَاسْع إليه برجالك وأموالك، ولا تعوِّقْ رسولَنا، والسّلام.
وفي صفر قدِم دمشق الملكُ الكامل ابن المظفَّر ابن العادل يستنجد الإسلام على التّتار، فتباشر النّاس شيئًا، ودخل البلد وزار قبر جدّه، ثمَّ ردّ إلى بلاده، ولم ينفر أحدٌ لتَيَقُّن الناس بأخْذ بغداد.