للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصل نحو خمسمائة فارس من عسكر العراق، ذكروا أن التّتار حالوا بينهم وبين بغداد، ثمّ جاء بعدهم نحو الثلاثمائة إلى دمشق.

وفي أثناء السّنة اشتدّ الوباء بالشام ومات خلْقٌ بحيث إنّه قيل: إنّه خرج من حلب في يوم واحدٍ ألفٌ ومائتا جنازة، وأمّا دمشق فكان فيها من المرض ما لا يحدّ ولا يوصف، واستغنى العطّارون، ونفدت الأدوية، وعزّ الأطباء إلى الغاية، وأبيع الفرُّوج بدمشق بثلاثة دراهم، وبحلب بعشرة دراهم، ومبدأ الوباء في جمادى الأولى لفساد الهواء بملحمة بغداد.

[سنة سبع وخمسين وستمائة]

في أوّلها سار الملك النّاصر متَّبِعًا آثار البحريَّة، فاندفعوا بين يديه إلى الكَرَك، فنزل بركة زيزا، وعزم على حصار الكَرَك وفي خدمته صاحب حماة الملك المنصور، فجاءت إليه رُسُل المغيث مع الدّار القُطْبيّة، وهي ابنة الملك الأفضل قُطُب الدّين ابن العادل يضرعون إليه في الرّضا عن المغيث، فَشَرطَ عليه أنْ يقبض على من عنده من البحريّة، فأجاب ونفَّذهم إليه على الجِمال، فبعثهم إلى قلعة حلب فحُبِسوا بها، وأمّا رُكْن الدّين البُنْدقْداري فهرب من الكَرَك في جماعة، وقدم على الملك النّاصر، فأحسن إليهم وصَفَح عنهم، ورجع وفي خدمته البُنْدُقْداري.

وفيها نزل هولاكو على آمِد، وبعث رُسُلَه إلى صاحب ماردين الملك السّعيد نجم الدّين يطلبه، فسيَّر إليه ولده الملك المظفَّر في خدمته سابق الدّين بَلَبَان، والقاضي مهذّب الدّين محمد بن مجلي، ومعهم تقادُم، واعتذر بالمرض فوافق وصولهم إليه أخْذه لقلعة اليمانيَّة وإنزاله منها حريمَ الملك الكامل صاحب ميَّافارقين، وولده الملك النّاصر يوسف ابن الكامل، والملك السّعيد عمر، وابن أخيه الملك الأشرف أحمد، والملك الصّالح أيّوب ابن الملك المشمّر ابن تاج الملوك عليّ ابن العادل، فلمّا رآهم ابن صاحب ماردين جزع وأدّى الرسالة فقيل له: ليس مرضه بصحيح وإنّما هو متمارض محافظةً للملك الناصر صاحب الشام، فإن انتصرتُ عليه اعتذر إليَّ بزيادة المرض، وإن انتصر عليَّ بقيتْ له يدٌ بيضاء عند الناصر، فلو كان

<<  <  ج: ص:  >  >>