للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها رجلًا لقبوه مالكًا، وجعلت العامة يأتون ويلقونهم في النار، إلى أن قتلوا منهم خلقًا كثيرًا، إلى أن قال (١): وكان الحسن بن الصباح رجلًا شهمًا، كافيًا، عالما بالهندسة، والحساب، والنجوم، والسحر، وغير ذلك، وكان رئيس الري أبو مسلم، فاتهم ابن صباح بدخول جماعة من دعاة المصريين عليه، فخافه ابن صباح وهرب، فلم يدركه أبو مسلم، وكان ابن صباح من جملة تلامذة أحمد بن غطاس الطبيب الذي ملك قلعة أصبهان، وسافر ابن صباح فطاف البلاد، ودخل على المستنصر صاحب مصر، فأكرمه وأعطاه مالًا، وأمره أن يدعو الناس إلى إمامته، فقال له الحسن بن الصباح: فمن الإمام بعدك؟ فأشار إلى ابنه نزار.

ولما هلك المستنصر واستخلف ولده المستعلي صار نزار هذا إلى الإسكندرية، ودعا إلى نفسه، فاستجاب له خلق، ولقب بالمصطفى لدين الله، وقام بأمر دولته ناصر الدولة أفتكين مولى أمير الجيوش بدر، وهذا في سنة سبع وثمانين وأربعمائة. فسار عسكر مصر لحصار الإسكندرية في سنة ثمانٍ وثمانين، فخرج ناصر الدولة وطردهم، فردوا خائبين، ثم سار الأفضل فحاصر الإسكندرية وأخذها، وأسر نزارا، وأفتكين وعدة، وجرت أمور.

ودخل الحسن بن صباح خراسان، وكاشغر، والنواحي، يطوف على قوم يضلهم، فلما رأى قلعة ألموت بناحية قزوين أقام هناك، وطمع في إغوائهم، ودعاهم في السر، وأظهر الزهد، ولبس المسوح، فتبعه أكثرهم.

وكان نائب ألموت رجلًا أعجميًا علويًا، فيه بله وسلامة صدر، وكان حسن الظن بالحسن، يجلس إليه، ويتبرك به، فلما أحكم الحسن أمره دخل يومًا على العلوي فقال له: اخرج من هذه القلعة، فتبسم، وظنه يمزح، فأمر الحسن بعض أصحاب العلوي فأخرجوه، وأعطاه ماله، فبعث نظام الملك لما بلغه الخبر عسكرًا، فنازلوه وضايقوه، فبعث من قتل نظام الملك، وترحل العسكر عن ألموت، ثم بعث السلطان محمد بن ملكشاه إليها العسكر وحاصروها.

ومن جملة ما استولوا عليه من القلاع: قلعة طبس، وزوزن، وقاين،


(١) نفسه ١٠/ ٣١٦ فما بعد.