قال ابن السمعاني: وما ظفرنا بسماعه، لكن قرأتُ عليه كتاب الردَّ على الجهمية لأبي عبد الله نفطويه، سمعه من شيخ متأخر يقال له أبو العباس بن قريش، وحضر سماعه معنا شيخنا أبو القاسم ابن السمرقندي.
وقال أبو المظفّر ابن الجوزي: سمعت مشايخ الحربية يحكون عن آبائهم وأجدادهم أن السلطان مسعودا لما دخل بغداد، كان يحب زيارة العلماء والصالحين، فالتمس حضور ابن الطلاية إليه، فقال لرسوله: أنا منذ سنين في هذا المسجد أنتظر داعي الله في النهار خمس مرات، فعاد الرسول، فقال السلطان: أنا أولى بالمشي إليه، فزاره من الغد، فرآه يصلي الضحى، وكان يصليها بثمانية أجزاء، فصلى معه بعضها، فقال له الخادم: السلطان قائم على رأسك، فقال: وأين مسعود؟ قال: ها أنا، قال: يا مسعود اعدل، وادعُ لي، الله أكبر، ثم دخل في الصلاة، فبكى السلطان، وكتب ورقة بخطه بإزالة المكوس والضرائب، وتاب توبة صادقة.
قلت: روى عنه الجزء الذي قال إنه سمعه من عبد العزيز ابن الأنماطي، وهو التاسع من المخلصيات تخريج ابن البقّال، وظهر سماعه له بأخرة خلق منهم: يونس بن يحيى الهاشمي، وأحمد بن الحسن بن أبي البقاء العاقولي، ومحمد بن محمد بن علي السمذي، وعلي بن أحمد بن هلال بن العريبي، وشجاع بن سالم البيطار، ومحمد بن علي بن البلّ الدوري، وسعيد بن المبارك بن كمونة، وعبيد الله بن أحمد المنصوري، وعمر بن طبرزد، وأحمد بن سلمان بن الأصفر، وبزغش عتيق ابن حمدي، وريحان بن تيكان الضرير، ومظفّر بن أبي يعلى بن جحشويه، وعبد الرحمن بن أبي سعد بن تميرة، وعبد الله بن محاسن بن أبي شريك، وعبد الخالق بن عبد الرحمن الصياد، وعبد السلام بن المبارك البردغولي، وأحمد بن يوسف بن صرْما، وآخرون. وآخر من روى عنه: المبارك بن علي بن أبي الجود، شيخ الأبرقوهي.
توفي في حادي عشر رمضان، وكان له يومٌ مشهود مثل يوم أبي الحسن بن القزويني الزاهد، وحُمل على الرؤوس، ودُفن إلى جانب أبي الحسين بن سمعون، ولم يخلف بعده مثله في زهده وعبادته.