يكن بهم مسلك، فكان أهل السّواد يسبحون ويأخذونهم بلا كلفة.
وفيها كانت وقعة كبيرة بين معزّ الدّولة ثمال بن صالح الكلابيّ صاحب حلب، وبين ملك الروم، لعنهم الله. وكان المصافّ على أرتاح بقرب حلب، فنصر المسلمون وقتلوا وأسروا وغنموا، حتّى أنّ الجارية المليحة أبيعت بمائة درهم.
وبعدها بيسير توفّي ثمال أمير حلب، وولي بعده أخوه عطيّة.
سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
فيها قدم السّلطان بغداد ومعه من الأمراء أبو عليّ بن الملك أبي كاليجار البويهيّ وسرخاب بن بدر، فنزل جيشه بالجانب الغربيّ وأخرجوا النّاس من الدُّور وفسقوا، ودخل جماعة منهم حمّاما للنّساء فأخذوا ما استحسنوا من النّساء؛ وخرج من بقي إلى الطّريق عراةً، فخلّصهنَّ النّاس من أيديهم. فعلوا هذا بحمّامين.
وأعاد السّلطان ما كان أطلقه رئيس العراقيين من المواريث والمكوس.
وعقد ضمان بغداد على أبي سعد القايني بمائة وخمسين ألف دينار.
ثم سار من بغداد، بعد أن دخل بابنة الخليفة، فوصل إلى الرَّيّ وفي صحبته زوجة الخليفة ابنة أخيه لأنّها شكت اطّراح الخليفة لها، فمرض ومات في ثامن رمضان عن سبعين سنة. وكان عقيماً ما بشِّر بولد فعمد عميد الملك الوزير الكندريّ فنصب في السَّلطنة سليمان بن جغربيك، وكان عمّه طغرلبك قد عهد إليه بالسّلطنة لكونه ابن زوجته، فاختلفت عليه الأمراء، ومال كثير منهم إلى أخيه عضُد الدّولة ألب أرسلان صاحب خراسان.
فلما رأى الكندريّ انعكاس الحال خطب بالرَّيّ لعضُد الدّولة وبعده لأخيه سليمان. وجمع عضُد الدّولة جيوشه وسار نحو الرّيّ، فخرج لملتقاه الكندريّ والأمراء، وفرحوا بقدومه، واستولى على مملكة عمّه مع ما في يده.
وفيها خرج حمّو بن مليك صاحب سفاقس عن طاعة تميم بن باديس ملك إفريقية، وحشد وجمع، وكان بينهما وقعة هائلة انتصر فيها تميم وتشتَّت جمع حمّو.
وفيها كانت بالشّام زلزلة عظيمة تهدَّم منها سور طرابلس.
وفيها ولي نيابة دمشق أمير الجيوش بدر للمستنصر العبيديّ فبقي عليها سنة وثلاثة أشهر.