وبالوحدة من الكثرة، وبالنص والتعليم من الأدواء والأهواء المختلفة، وبالحق من الباطل، وبالآخرة الباقية من الدنيا الملعونة، الملعون ما فيها، إلا ما أُريد به وجه الله، ليكون علمكم وعملكم خالصًا لوجهه الكريم. يا قوم إنما دنياكم ملعبةٌ لأهلها، فتزودوا منها للأخرى، وخير الزاد التقوى.
إلى أن قال: أطيعوا أميركم ولو كان عبدًا حبشيًا، ولا تزكوا أنفُسكم.
قال كمال الدين: وكتب سنان إلى سابق الدين صاحب شيزر يعزيه عن أخيه شمس الدين صاحب قلعة جعبر:
إن المنايا لا يطأن بمنسمِ إلا على أكتاف أهل السؤددِ فلئن صبرت فأنت سيد معشرٍ صُبُروا وإن تجزع فغير مُفندِ هذا التناصر باللسان ولو أتى غيرُ الحمام أتاك نصري باليدِ وهي لأبي تمام.
وقال: ذُكر أن سنانا كتب إلى نور الدين محمود بن زنكي، والصحيح أنه إلى صلاح الدين:
يا ذا الذي بقراع السيف هددنا لا قام مصرعُ جنبي حين تصرعه قام الحمام إلى البازي يُهددُهُ واستيقظت لأسود البر أضبعُه أضحى يسد فم الأفعى بإصبعه يكفيه ما قد تُلاقي منه إصبعه وقفنا على تفصيله وجُمله، وعلمنا ما هددنا به من قوله وعمله، ويا لله العجب من ذُبابة تطن في أُذُن فيل، وبعوضة تُعد في التماثيل، ولقد قالها قومٌ من قبلك آخرون، فدمرنا عليهم وما كان لهم ناصرون، أللحق تدحضون، وللباطل تنصرون؟! وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون. ولئن صدر قولك في قطع رأسي، وقلعك لقلاعي من الجبال الرواسي، فتلك أماني كاذبة، وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض. وإن عُدنا إلى الظواهر، وعدلنا عن البواطن، فلنا في رسول الله أسوة حسنة: ما أوُذي نبيٌ ما أُوذيتُ. وقد علمتم ما جرى على عترته