فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مني، فوالله ما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكن والله لا أخير بين أمرين، بين الله وغيره إلا اخترت الله على ما سواه، وإني لعلى دين يقبل فيه العمل، ويجزى فيه بالحسنات، ويجزى فيه بالذنوب، إلا أن يعفو الله عنها، وإني أحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها من الأجر، وألي أمورا عظاما من إقامة الصلاة، والجهاد، والحكم بما أنزل الله. قال: فعرفت أنه قد خصمني لما ذكر ذلك. قال عروة: فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه.
وعن أم بكر بنت المسور أن المسور كان يصوم الدهر، وكان إذا قدم مكة طاف لكل يوم غاب عنها سبعا، وصلى ركعتين.
وقال الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن عمته أم بكر بنت المسور، عن أبيها، أنه وجد يوم القادسية إبريق ذهب عليه الياقوت والزبرجد، فلم يدر ما هو، فلقيه فارسي فقال: آخذه بعشرة آلاف، فعرف أنه شيء، فبعث به إلى سعد بن أبي وقاص، فنفله إياه، وقال: لا تبعه بعشرة آلاف، فباعه له سعد بمائة ألف، ودفعها إلى المسور، ولم يخمسها.
وعن عطاء بن يزيد الليثي قال: لحق المسور بابن الزبير بمكة، فكان ابن الزبير لا يقطع أمرا دونه.
قال الواقدي: وحدثني شرحبيل بن أبي عون. عن أبيه قال: لما دنا الحصين بن نمير أخرج المسور سلاحا قد حمله من المدينة ودروعا، ففرقها في موال له كهول فرس جلد، فدعاني، ثم قال لي: يا مولى عبد الرحمن بن مسور، قلت: لبيك، قال: اختر درعا، فاخترت درعا وما يصلحها، وأنا يومئذ غلام حدث، فرأيت أولئك الفرس غضبوا وقالوا: تخيره علينا؟ والله لو جد الجد تركك، فقال: لتجدن عنده حزما، فلما كان القتال أحدقوا به، ثم انكشفوا عنه، واختلط الناس، والمسور يضرب بسيفه، وابن الزبير في الرعيل الأول يرتجز قدما، ومعه مصعب بن عبد الرحمن بن عوف يفعلان الأفاعيل، إلى أن أحدقت جماعة منهم بالمسور، فقام دونه مواليه، فذبوا عنه كل الذب، وجعل يصيح بهم، فما خلص إليه، ولقد قتلوا من أهل الشام يومئذ نفرا.