حيدر بن كاوس. ثم وجه أبا سعيد محمد بن يوسف إلى أردبيل لعمارة الحصون التي خربها بابك، ففعل ذلك. وكان محمد بن البعيث صديق بابك في قلعة شاهي وحصن تبريز من بلاد أذربيجان، فبعث بابك قائده عصمة، فنزل بابن البعيث فأكرمه وأنزل إليه الإقامات وأضافه وسقاه خمرا وأسره، وقتل جماعة من مقدميه، فهرب عسكره، وشرع ابن البعيث يناصح المعتصم، ودله على عورة بلاد بابك، ثم كانت وقعة كبيرة بين بابك والأفشين انهزم فيها بابك، وقتل من أصحابه نحو الألف، وهرب إلى موغان، ومنها إلى مدينته التي تسمى البذ، وبعث الأفشين بالرؤوس والأسرى إلى بغداد.
وفي رمضانها كانت محنة الإمام أحمد، وضرب بالسياط، ولم يجب. وسيأتي ذلك في ترجمته.
وفي ذي القعدة نزل المعتصم بالقاطول وأمر بإنشاء مدينة سر من رأى، فاشترى أرضها من رهبان لهم دير هناك. وقد كان الرشيد يتنزه بالقاطول لطيبه. واستخلف المعتصم على بغداد ولده الواثق.
وفيها غضب المعتصم على وزيره الفضل بن مروان وصادره، وأخذ منه أموالا عظيمة تفوت الوصف، حتى قيل: إنه أخذ منه عشرة آلاف ألف دينار، واستأصله وأهل بيته ونفاه إلى السن؛ قرية بطريق الموصل. وولى بعده الوزارة محمد بن عبد الملك ابن الزيات.
واعتنى المعتصم باقتناء الترك، فبعث إلى سمرقند وفرغانة والنواحي في شرائهم، وبذل فيهم الأموال، وألبسهم أنواع الديباج ومناطق الذهب. فكانوا يطردون خيلهم ببغداد ويؤذون الناس. فربما ثار أهل البلد بالتركي فقتلوه عند صدمه للمرأة والشيخ. فعزم المعتصم على التحول من بغداد وتنقل على دجلة، والقاطول هو نهر منها، فانتهى إلى موضع سامراء، وفي مكانها دير عادي لرهبان. فرأى فضاءً واسعا جدا وهواءً طيبا فاستمرأه، وتصيد ثلاثا فوجد نفسه تطلب أكثر من أكله، فعلم أن ذلك لتأثير الهواء والتربة والماء. فاشترى من أهل الدير أرضهم بأربعة آلاف دينار، وأسس قصره بالوزيرية التي ينسب إليها التين الوزيري العديم النظير في الحسن. فجمع عليها الفعلة