للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما تخيَّل من سائر دولته شرع ينقل حواصله إلى قلعة صرخد، وكاتب الأتابك زنكي ليسلِّم إليه دمشق، ففتكوا به في دهليز قلعة دمشق.

قال أبو يعلى حمزة في تاريخه: بالغ شمس الملوك في الظُّلم والمصادرة، واستخدم على ذلك بدران الكُردي الملقَّب بالكافر، فعاقب النَّاس بفنون قبيحة اخترعها، ثم كاتب شمس الملوك الأتابك زنكي حين عرف اعتزامه على قصد دمشق لينازلها ويحاصرها، فبعث يحثه على السُّرعة ليسلِّمْهَا إليه ويمكِّنه من الانتقام من مقدَّمها لأمر تصوَّره وهذيان تخيَّله، وتابع الكتب إليه يحثُه على المجيء بحيث يقول: إن أهملت هذا أُحوج إلى استدعاء الفرنج وتسليم دمشق إليهم، وكان إثم دم أهلها في عنقك. وكتب ذلك بيده، وشرع في نقل خزائنه إلى قلعة صرخد، فظهر أمره للنَّاس فأشفقوا من الهلاك خاصَّتهم وعامَّتهم، وأنهوا الأمر إلى زُمُرُّد الملقَّبة صفوة المُلْك، فحملها دينها وعقلها على النَّظر بما يحسم الدَّاء فلم تجد بدًّا من هلاكه، وأُشير عليها بذلك لمَّا آيسوا من خيره، فسُرَّ الأمراء والخاصة بمصرعه، وكثر الدُّعاء لها.

وكان مولده في جمادى الآخرة سنة ست وخمسمائة، وقبل مقتله بيوم كان بدران الكافر قد أرسل الله عليه آفةً أخذت بلسانه فربا لسانه حتى ملأ فمه وهلك واختنق، فكان آية سماوية.

قلت: وعظُم شأن صفوة المُلْك زمرُّد خاتون، وخضعت لها النُّفوس، ثم رتَّبت أخاه محمود بن بوري في السَّلطنة، وكانت تُدبِّر مُلْكه إلى أن تزوَّج بها قسيم الدولة المذكور وأخذها إلى حلب، وقام بتدبير ابنها محمود الأمير معين الدِّين أُنر الطُّغتكيني إلى أن قتله جماعة من مماليكه في سنة ثلاث وثلاثين، وقام بالأمر بعده أخوه محمد بن بوري صاحب بعلبك.

٢٨٩ - إسماعيل بن عبد الملك بن علي ّ، أبو القاسم الطُّوسيُّ الحاكميُّ الفقيه، تلميذ إمام الحرمين.

كان ورعاً خيِّرًا خبيرًا بالمذهبن سافر إلى العراق والشَّام مع الغزَّالي،

<<  <  ج: ص:  >  >>