في عمله وإحسانه إلى الجيش، بعث في طلب الأمان لنفسه، فسارع إلى ذلك هرثمة ولحق رافع بالمأمون فأكرمه.
وقدم هرثمة بمن معه من الجيوش من سمرقند على المأمون، وكان معه طاهر بن الحسين، فتلقاه المأمون، وولاه حرسه.
ثم إن الأمين أرسل وجوها إلى المأمون يطلب منه أن يقدم موسى على نفسه، ويذكر أنه قد سماه: الناطق بالحق، فرد المأمون ذلك وأباه، وكان الرسول إليه العباس بن موسى بن عيسى بن موسى، فبايع المأمون بالخلافة سرا، ثم كان يكتب إليه بالأخبار، ويناصحه من العراق، ورجع فأخبر الأمين بامتناع المأمون، فأسقط اسمه من ولاية العهد، وطلب الكتاب الذي كتبه الرشيد، وجعله بالكعبة لعبد الله المأمون على الأمين فأحضروه فمزقه وقويت الوحشة، وأحضر المأمون رسل الأمين إليه، وقال: إن أمير المؤمنين كتب إلي في أمر كتبت إليه جوابه، فأبلغوه الكتاب، واعلموا أني لا أزال على طاعته حتى يضطرني بترك الحق الواجب إلى مخالفته فخرجوا وقد رأوا جدا غير مشوب بهزل.
ونصح الأمين أولو الرأي فلم ينتصح، وأخذ يستميل القواد بالعطاء، فقال له خازم بن خزيمة: يا أمير المؤمنين، لن ينصحك من كذبك، ولن يغشك من صدقك، لا تجرئ القواد على الخلع فيخلعوك، ولا تحملهم على نكث العهد فينكثوا بيعتك وعهدك، فإن الغادر مغلول، والناكث مخذول.
وفي ربيع الأول بايع الأمين بولاية العهد لابنه موسى، ولقبه: الناطق بالحق، وجعل وزيره علي بن عيسى بن ماهان.
وفيها وثبت الروم على ميخائيل صاحب الروم فهرب وترهب، وكان ملكه سنتين، فملكوا عليهم ليون القائد.
[سنة خمس وتسعين]
توفي فيها: إسحاق بن يوسف الأزرق واسطي، بشر بن السري الواعظ بمكة، عبد الرحمن بن محمد المحاربي الكوفي، عبيد الله بن المهدي فيها في قول، عثام بن علي الكوفي وقيل سنة أربع، مؤرج بن عمرو السدوسي