وثلاثمائة، وكان يميل إلى التشيع، فحدثني إبراهيم بن محمد الأرموي بنيسابور - وكان صالحا عالما - قال: جمع أبو عبد الله الحاكم أحاديث، وزعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم، منها: حديث الطائر، ومن كنت مولاه فعلي مولاه. فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، ولم يلتفتوا إلى قوله.
وقال أبو نُعيم ابن الحداد: سمعتُ الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول: سمعتُ أبا عبد الرحمن الشاذياخي الحاكم يقول: كنا في مجلس السيد أبي الحسن، فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير فقال: لا يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
قلتُ: هذه الحكاية سندها صحيح، فما باله أخرج حديث الطير في المستدرك على الصحيح؟ فلعله تغير رأيه.
أنبؤونا عن أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار، وغيره، عن أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قال: أبو عبد الله الحاكم هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق معرفته. يُقال له: الضبي لأن جد جدته عيسى بن عبد الرحمن الضبي، وأم عيسى هي متويه بنت إبراهيم بن طهمان الفقيه، وبيته بيت الصلاح والورع والتأذين في الإسلام، وقد ذكر أباه في تاريخه، فأغنى عن إعادته، ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، ولقي عبد الله بن محمد ابن الشرقي، وأبا حامد بن بلال، وأبا علي الثقفي، ولم يسمع منهم، وسمع من أبي طاهر المحمداباذي، وأبي بكر القطان، ولم يُظفر بمسموعه منهما، وتصانيفه المشهورة تطفح بذكر شيوخه، وقد قرأ القرآن بُخراسان والعراق على قراء وقته، وتفقه على: أبي الوليد حسان، والأستاذ أبي سهل، واختص بُصحبة إمام وقته أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي، فكان الإمام يراجعه في السؤال والجرح والتعديل والعلل، وأوصى إليه في أمور مدرسته دار السُنة، وفوض إليه تولية أوقافه في ذلك، وذاكر مثل: الجِعابي، وأبي علي الماسرجسي الحافظ الذي كان أحفظ زمانه، وقد شرع الحاكم في التصنيف سنة سبع وثلاثين، فاتفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء من