البيسري، ثم طيبرس الوزيري وعز الدين الأفرم ونائب دمشق لاجين المذكور في عسكر دمشق. وكان رأس الميسرة سنقر الأشقر المذكور، ثم الأيدمري، ثم بكتاش أمير سلاح. وكان في طرف الميمنة العرب، وفي طرف الميسرة التركمان، وشاليش القلب طرنطية، وكانت المغل خمسين ألفا، والمجمعة ثلاثين ألفا.
قلت: وكان الملتقى يوم الخميس، كما ذكرنا، طلوع الشمس. وكان عدد التتار على ما قيل مائة ألف أو يزيدون. وكان المسلمون على النصف من ذلك أو أقل.
وكانت ملحمة عظيمة، واستظهر التتار في أول الأمر واضطربت ميمنة المسلمين، ثم حملت التتار على الميسرة فكسروها وهزموها مع طرف القلب. وثبت السلطان بمن معه من أبطال الإسلام، وكان القتال يعمل من ضحوة إلى المغيب. وساق طلب من التتار وراء الميسرة إلى بحيرة حمص، وقتلوا خلقا من المطوعة والغلمان وأشرف الإسلام على خطة صعبة. ثم إن الكبار مثل البيسري وسنقر الأشقر وعلاء الدين طيبرس وأيتمش السعدي وبكتاش أمير سلاح وطرنطية ولاجين وسنجر الدواداري لما رأوا ثبات السلطان حملوا على التتار عدة حملات، ثم كان الفتح ونزل النصر وجرح مقدم التتار منكوتمر بن هولاكو، وجاءهم الأمير عيسى بن مهنا عرضا، فتمت هزيمتهم واشتغلوا بما دهمهم من جرح مقدمهم. وركب المسلمون أقفيتهم وقتلوا منهم مقتلة هائلة، وساقوا وراءهم حتى بقي السلطان في نفر قليل من الخاصكية ونائبه طرنطاي قدامه بالصناجق. وردت ميمنة التتار التي كسرت ميسرة المسلمين، فمروا بالسلطان وهو تحت العصائب والكوسات تضرب وحوله من المقاتلة أقل من ألف، فلما جاوزوه ساق وراءهم، فانهزموا لا يلوون على شيء، وتم النصر بعد العصر، وانهزموا عن آخرهم قبل الغروب وافترقوا، فأخذت فرقة على سلمية والبرية، وأخرى على ناحية حلب. وعاد السلطان إلى منزلته بليل، وجهز من الغد وراءهم الأيدمري في طائفة كبيرة وجاءت يوم الجمعة بطاقة بالنصر، فضربت البشائر وزينت دمشق، فلما كان