المكي، شيخ لابن جميع، قال أبي: سمعت عمي يقول: سمعت الشافعي يقول: أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن، فما علمت أنه مر بي حرف إلا وقد علمت المعنى فيه، والمراد: ما خلا حرفين، أحدهما: دساها.
عبد الملك بن محمد أبو نعيم الفقيه: حدثني علان بن المغيرة قال: سمعت حرملة يقول: سمعت الشافعي يقول: أتيت مالكا وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، وكان ابن عم لي والي المدينة، فكلم لي مالكا فأتيته، فقال: اطلب من يقرأ لك، فقلت: أنا أقرأ، فقرأت عليه، فكان ربما قال لي لشيء قد مر: أعده، فأعيده حفظا، وكأنه أعجبه، ثم سألته عن مسألة فأجابني، ثم أخرى، فقال: أنت تحب أن تكون قاضيا.
وقال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: قرأت على إسماعيل بن قسطنطين، وقال: قرأت على شبل، وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وأخبر ابن كثير أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس.
قال: وكان إسماعيل يقول: القران اسم وليس بمهموز، ولم يؤخذ من قرأت، ولو أخذ من قرأت كان كل ما قرئ قرآنا، ولكنه اسم للقران مثل التوراة والإنجيل.
وقال محمد بن إسماعيل، أظنه السلمي: حدثني حسين الكرابيسي قال: بت مع الشافعي غير ليلة، وكان يصلي نحو ثلث الليل، فما رأيته يزيد على خمسين آية فإذا أكثر فمائة، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله، ولا يمر بآية عذاب إلا تعوذ منها.
وقال إبراهيم بن محمد بن الحسن الأصبهاني: حدثنا الربيع قال: كان الشافعي يختم القرآن ستين مرة في رمضان.
وكان الشافعي من أحسن الناس قراءة، فروى الزبير بن عبد الواحد الإستراباذي، قال: سمعت عباس بن الحسين، قال: سمعت بحر بن نصر يقول: كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض: قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي يقرأ القرآن، فإذا أتيناه استفتح القرآن حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته، فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة.