وأما الصالح إسماعيل، فلما استقر بقلعة دمشق خطب للعادل ابن الكامل صاحب مصر، ثم لنفسه. وقدم عليه عز الدين أيبك من صرخد.
ثم قوي المرض بصاحب حمص فسافر إليها.
وفي ربيع الأول رفع الشهاب القوصي إلى الصالح أنه يستخلص الأموال من أهل دمشق، فصفعه الصالح وحبسه وحبس الوزير تاج الدين ابن الولي الإربلي؛ وزير الصالح أيوب.
وفيها أخذ صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ سنجار من الملك الجواد بموافقةٍ من أهلها، لسوء سيرة الجواد فيهم، فإنه صادرهم. وخرج يتصيد ويحج في البرية، فبعثوا إلى بدر الدين، فجاء وفتحوا له، فمضى الجواد إلى عانة ولم يبق له سواها، ثم باعها للخليفة.
وفيها درس الرفيع عبد العزيز الجيلي بالشامية البرانية.
وفيها أنزل الملك الكامل من القلعة في تابوته إلى تربته التي عملت له، وفتح شباكها إلى الجامع الأموي.
وفي ربيع الآخر ولي خطابة دمشق الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، فخطب خطبة عرية من البدع، وأزال الأعلام المذهبة، وأقام عوضها سودا بأبيض، ولم يؤذن قدامه سوى مؤذنٍ واحدٍ. وعزل الذي قبله وهو أصيل الدين الإسعردي.
وفيها أمر الملك الصالح إسماعيل خطباء دمشق أن يخطبوا لصاحب الروم معه.
وفيها كانت الزيادة في أيام المشمش، جاء سيلٌ عرم هدم وخرب.
وفيها ولي قضاء دمشق بعد تدريسه بالشامية القاضي الرفيع، وكان قاضي بعلبك في أيام الصالح بها.
وفيها جاء الخبر إلى بغداد أن رجلا ببخارى يعرف بأبي الكرم له أتباع، قال لأصحابه: إني قادرٌ على كسر التتار بمن يتبعني - بقوة الله تعالى - من غير سلاح، فتبعه طائفةٌ، ونهضوا على شحنة البلد ومن معه فهربوا، وقوي أمره، وتبعه الخلق. فبلغ ذلك جرماغون ملك التتار يومئذٍ، فنفذ جيشا وشحنه. فخرج لحربهم أبو الكرم في ألوفٍ كثيرةٍ بلا سلاح، وتقدم أمامهم فأحجم عنهم