فتحصن بها. وبقي الناس حيارى، إلا أنهم اجتمعت كلمتهم على الجهاد إلى أن يموتوا. وكان التتار قد عزموا على الرحيل لكثرة من قتل منهم، فلما لم يروا أحداً خرج لقتالهم طمعوا، واستدلوا على ضعفهم، فقصدوهم وقاتلوهم وذلك في رجب من سنة ثمان عشرة وستمائة. ودخلوا البلد بالسيف، وقاتلهم الناس في الدروب، وبطل السلاح للزحمة، واقتتلوا بالسكاكين، فقتل ما لا يحصى. ثم ألقي في همذان النار فأحرقوها، ورحلوا إلى تبريز وقد فارقها صاحبها أوزبك بن البهلوان، وكان لا يزال منهمكاً على الخمور، يبقى الشهر والشهرين لا يظهر، وإذا سمع هيعة طار، وله جميع بلاد أذربيجان وأران، ثم قصد نقجوان، وسير نساءه وأهله إلى خوي، فقام بأمر تبريز شمس الدين الطغرائي، وجمع كلمة أهلها، وحصن البلد، فلما سمع التتار بقوتهم أرسلوا يطلبون منهم مالاً وثياباً، فسيروا لهم ذلك.
ثم رحلوا إلى بيلقان فحصروها، فطلب أهلها رسولاً يقررون معه الصلح، فأرسل إليهم مقدماً كبيراً فقتلوه، فزحفت التتارُ على البلد وافتتحوه عنوة في رمضان من سنة ثمان عشرة، ولم يبقوا على صغير ولا كبير، وكانوا يفجرون بالمرأة، ثم يقتلونها.
ثم ساروا إلى كنجة وهي أم بلاد أران، فعلموا كثرة أهلها وشجاعتهم، فلم يقدموا عليها وطلبوا منها حملاً، فأعطوا ما طلبوا.
وساروا عنهم إلى الكرج، والكرج قد استعدوا لهم، فالتقوا، فانهزم الكرج وأخذهم السيف، فلم يُفلت منهم إلى الشريد، فقتل منهم نحو ثلاثين ألفاً، وعاث التتار في بلاد الكرج وأفسدوا.
ثم قصد دربند شروان، فحاصروا مدينة شماخي ثم افتتحوها عنوة. ثم أرادوا عبور الدربند فلم يقدروا على ذلك، فأرسلوا رسولاً إلى شروان شاه، يقولون: أرسل إلينا رسولاً. فأرسل عشرة من كبار أصحابه، فأخذوا أحدهم، فقتلوه، ثم قالوا للباقين: إن أنتم عرفتمونا طريقاً نعبر فيه فلكم الأمان وإلا قتلناكم. فقالوا: إن هذا الدربند ليس فيه طريق البتة، ولكن فيه موضع هو أسهل ما فيه من الطرق. فساروا معهم في تلك البلاد إلى ذلك الطريق فعبروا فيه.
فلما عبروا دربند شروان ساروا في تلك الأراضي وفيها أمم كثيرة منهم