قال الزمان لغيره إذ رامها: تربت يمينك لست من أربابها اذهب طريقك لست من أربابها وارجع وراءك لست من أترابها وبعز سيدنا وسيد غيرنا ذلت من الأيام شمس صعابها وأتت سعادته إلى أبوابه لا كالذي يسعى إلى أبوابها فلتفخر الدنيا بسائس ملكها منه ودارس علمها وكتابها صوامها قوامها علامها عمالها بذالها وهابها
وبلغنا أنه كتبه التي ملكها بلغت مائة ألف مجلد، وكان يحصلها من سائر البلاد.
وذكر القاضي ضياء الدين القاسم بن يحيى الشهرزوري أن القاضي الفاضل لما سمع أن العادل أخذ الديار المصرية دعا على نفسه بالموت خشية أن يستدعيه وزيره صفي الدين ابن شكر، أو يجري في حقه إهانة، فأصبح ميتًا. وكان له معاملة حسنة مع الله وتهجد بالليل.
وقال العماد في الخريدة: وقبل شروعي في أعيان مصر، أقدم ذكر من جميعُ أفاضل العصر كالقطرة في بحره، المولى القاضي الأجل، الفاضل الأسعد، أبو علي عبد الرحيم ابن القاضي الأشرف أبي المجد علي ابن البيساني، صاحب القرآن، العديم الأقران، واحد الزمان
إلى أن قال: فهو كالشريعة المحمدية نسخت الشرائع، يخترع الأفكار، ويفترع الأبكار، وهو ضابط الملك بآرائه، ورابط السلك بآلائه. إن شاء أنشأ في يوم ما لو دون، لكان لأهل الصناعة خير بضاعة. أين قس من فصاحته، وقيس من حصافته؟ ومن حاتم وعمرو في سماحته وحماسته؟ لا منَّ في فعله، ولا مين في قوله، ذو الوفاء والمروءة، والصفاء والفتوة، والتقى والصلاح، والندى والسماح. وهو من أولياء الله الذين خصوا بكرامته، وأخلصوا لولايته. وهو مع ما يتولاه من أشغال المملكة، لا يفتر عن المواظبة على نوافل صلواته، ونوافل صلاته. يختم كل يوم القرآن المجيد، ويضيف إليه ما شاء الله من المزيد، وأنا أوثر أن أفرد لنظمه ونثره كتابًا، فإنني أغار من ذكره مع الذين هم كالسها في فلك شمسه وذكائه، وكالثرى عند ثريا علمه وذكائه، فإنما تبدو النجوم إذا لم تبرز الشمس