من ناحية الجبل سحابة سوداء مظلمة، ظاهر منها العذاب، فلما قرُبت قام الشيخ وقال: إلى بلدي؟ ارجعي، فرجعت السحابة. ولو لم أسمع هذه الحكاية من الفقيه ما صدّقت.
حدثني الشيخ إسرائيل، أن الشيخ محمداً السكاكيني حدثه، وكان لا يكاد يفارق الشيخ، قال: دعاني إنسان وألحّ عليّ فأتيته، وخرجت في الليل من السور من عند عمود الراهب، وجئت إلى الزاوية، فإذا الشيخ وهو يقول: يا مولاي، ترسل إلي الناس في حوائجهم؟ من هو أنا؟ اقضِها أنت لهم يا مولاي، إبراهيم النصراني من جبة بشرين يا مولاي، ودعا له، فبهت لذلك، ونمت ثم قمت إلى الفجر، وبقيت يومئذ عنده. فلما كان الليل وأنا خارج الزاوية، إذا بشخص فقلت: أيش تعمل هنا؟ وإذا به إبراهيم النصراني، قلت: أيش جابك؟ قال: أين الشيخ؟ قلت: يكون في المغارة. قال: رأيت البارحة رسول الله ﷺ في النوم، وهو يقول: تروح إلى الشيخ عبد الله، وتسلّم على يده فقد ينتفع فيك. فأتينا الشيخ، وإذا به في المغارة، فقصّ على الشيخ الرؤيا؛ فتغرغرت عينا الشيخ بالدموع، وقال: سماني رسول الله ﷺ شويخ. فأسلم إبراهيم، وجاء منه رجل صالح.
وأخبرني العماد أحمد بن محمد بن سعْد، قال: طلعنا جماعة إلى زيارة الشيخ الفقيه محمد، فقلت: يا سيّدي، حدثنا عن منام الشيخ عبد الله الثقة، فقال: أخبرني الشيخ عبد الله الثقة، قال: كنت قد رأيت من ثلاث عشرة سنة كأني في مكان واسع مضيء، وفيه جماعة فيهم رسول الله ﷺ، فجئت إليه، وقلت: يا رسول الله خذ عليّ العهد، ومددت يدي إليه، فقال: بعد الشيخ عبد الله - أعدتها عليه ثلاثاً - وهو يقول: بعد الشيخ عبد الله. فلما كان البارحة جاء إليّ شخص، وقال: رأيت رسول الله ﷺ في النوم، وهو يقول لي: قل لعبد الله الثقة يخرج من المدينة وإلا يُمسَك. قلت: يا رسول الله، ما يُصدّقني؟ قال: قل له بعلامة ما رآني، وقال لي: خذ عليّ العهد، فقلت له: بعد الشيخ عبد الله. قال: ولو لم يرَ لي هذا المنام، ما أعلمت بمنامي أحداً. قال: فقلت: ما بعد هذا شيء، أخرج، قال: فمُسك بعد أيام. أو ما هذا معناه.
أخبرني الشيخ إسرائيل، حدثني عبد الصمد. قال: والذي لا إله إلا هو