أحسن من خطه. قال: وما هو؟ قال: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح]، وقد تفاءلت ببركته ببركة ما كتب. فولاه العرض، فبقي سنة يؤرخ الكتب عنه، وعن وصيف. وحظي عند المتوكل، فطرح اسم وصيف، ونفذت الكتب باسم عبيد الله وحده.
قال الصولي: كان عبيد الله سمحا جوادا ممدحا، حدثني أبو العيناء قال: دخلت على المتوكل، فقال: ما تقول في عبيد الله؟ قلت: نعم العبد لله ولك، منقسم بين طاعته وخدمتك، يؤثر رضاك على كل فائدة، وإصلاح رعيتك على كل لذة.
وقال علي بن عيسى الوزير: لم يكن لعبيد الله بن يحيى حظ من الصناعة، إلا أنه أيد بأعوان وكفاة، وكان واسع الحيلة، حسن المداراة.
وقال الصولي: ولم يزل أعداء عبيد الله يحرضون المنتصر على قتله، وإنه مائل إلى المعتز، حتى هم بذلك وأحمد بن الخصيب يردعه عنه. ثم نفاه وأبعده إلى أقريطش، فلما استخلف المعتمد ذكر لوزارته سليمان بن وهب، والحسن بن مخلد، وجمع الكتاب، فقال ابن مخلد: هذا عبيد الله بن يحيى قد اصطنع الجماعة ورأسهم، وهو ببغداد. فصدقه الجماعة.
فقال المعتمد وأبو عيسى بن المتوكل: ما لنا حظ في غيره.
فطلبوه إلى سر من رأى واستحثوه، ولم يذكروا له الوزارة لئلا يمتنع زهدا فيها. فشخص على كره، وأدخل على المعتمد، فخلع عليه الوزارة. فلما خرج امتنع، فلاطفوه. وولي سنة ست وخمسين بعفاف ورأي ومروءة إلى أن مات، وعليه ست مائة ألف دينار، مع كثرة ضياعه. وقد أدبته النكبة وهذبته، فزاد عفافه وتوقيه.
قلت: ورد عن عبيد الله أخبار في الحلم والجود.
حكى الصولي، عن غير واحد، أن عبيد الله أتى إلى الميدان ليضرب بالصوالجة، فصدمه خادمه رشيق، فسقط عن دابته، فحمل ومات ليومه.
توفي الوزير عبيد الله سنة ثلاث وستين، وهو والد المقرئ أبي مزاحم الخاقاتي.