للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ديوان الإنشاء أبو الفرج محمد ابن الأنباريّ، والحاجب أبو طالب يحيى بن زبادة (١).

ثم طلب الوزير ظهير الدين ابن العطار، وكان مريضا، فأركب على فرس، ثم تعضّده جماعة، وأدخل فصعد وبايع، ووقف على يمين الشبّاك الذي فيه الخليفة، فعجز عن القيام. فأدخل إلى التاج، ثم راح إلى داره. وبايع من الغد من بقي من العلماء والأكابر.

وتقدّم بعزل النقيب أبي الهيجا، وبإعادة ابن الزّوال، وتوجّهت الرسل إلى النواحي بإقامة الدعوة الناصريّة.

وفي اليوم الخامس من البيعة تقدم إلى عماد الدين صندل المقتفوي، وسعد الدولة نظر المستنجديّ الحبشيّ بالمضيّ إلى دار ابن العطار في عدّة من المماليك للقبض عليه، فجاؤوا ودخلوا عليه من غير إذن، وقبضوا عليه من الحريم. وترسّم بداره أستاذدار، فنهبت العامّة فيها، وعجز الأستاذدار.

وفي سادس ذي القعدة خلع على طاشتكين خلعة إمرة الحاج، وتوجّه إلى الحج، وتقدّمه خروج الرّكب.

وقيّد ابن العطار، وسحب وسجن في مطبّق، فهلك بعد ثلاث. وحمل إلى دار أخته، فغسّل وكفّن، وأخرج بسحر في تابوت، ومعه عدّة يحفظونه. فعرفت العامّة به عند سوق الثلاثاء، فسبّوه وهمّوا برجمه، فدافعهم الأعوان، فكثرت الغوغاء، وأجمعوا على رجمه، وشرعوا.

فخاف الحمّالون من الرجم، فوضعوه عن رؤوسهم وهربوا. فأخرج من التابوت وسحب، فتعرّى من أكفانه، وبدت عورته، وجعلوا يصيحون بين يديه: بسم الله، كما يفعل الحجّاب. وطافوا به المحالّ والأسواق مسلوبا مهتوكا، نسأل الله السّتر والعافية.

قال ابن البزوريّ: وحكى التيميّ (٢) قال: كنت بحضرته وقد ورد عليه


(١) بالباء الموحدة بعد الزاي، قيده المنذري في التكملة ١/ الترجمة ٤٥٨، وستأتي ترجمته في وفيات سنة ٥٩٤ من هذا الكتاب.
(٢) يشير بذلك إلى أبي بكر عبيد الله بن علي بن نصر المعروف بابن المارستانية المتوفى سنة ٥٩٩ هـ والذي كتب تاريخًا لبغداد، وهو مُتكلَّم فيه (ينظر كتابنا: تواريخ بغداد التراجمية، ص ١٠ - ١١) ولم يصل إلينا هذا الكتاب.