للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: إنّهم مائتا ألف وستّون ألفًا تريد الإسلام والبلاد.

قلت: كان هلاك هذه الأمة من الآيات العظيمة المشهورة. وكان الحامل لخروجهم من أقصى البحار أخذ بيت المقدس من أيديهم.

قال ابن واصل (١): وصل إلى السّلطان كتاب كاغيكوس الأرمنيّ صاحب قلعة الروم، وهو للأرمن كالخليفة عندنا، نسخة الكتاب: كتاب الداعي المخلص الكاغيكوس: فما أطالع به مولانا ومالكنا السّلطان الملك النّاصر، جامع كلمة الإيمان، رافع علم العدل والإحسان، صلاح الدنيا والدين، من أمر ملك الألمان، وما جرى له، فإنه خرج من دياره، ودخل بلاد الهنكر غصبًا ثمّ دخل أرض مقدَّم الروم، وفتح البلاد ونهبها، وأخذ رهائن ملكها، ولده وأخاه، وأربعين نفرًا من جلسائه، وأخذ منه خمسين قنطارًا ذهبًا، وخمسين قنطارًا فضة، وثياب أطلس مبلغًا عظيمًا، واغتصب المراكب، وعدى بها إلى هذا الجانب، يعني في خليج قسطنطينية، قال: إلى أن دخل إلى حدود بلاد قلج أرسلان، وردّ الرهائن، وبقي سائرًا ثلاثة أيام، وتركمان الأوج يلقونه بالأغنام والأبقار والخيل والبضائع، فتداخلهم الطمع وتجمعوا له من جميع البلاد، ووقع القتال بين التركمان وبينهم، وضايقوه ثلاثة وثلاثين يومًا وهو سائر. ولما قرب من قونية جمع ابن قلج أرسلان العساكر، فضرب معه المصاف، فكسره ملك الألمان كسرة عظيمة، وسار حتى أشرف على قونية، فخرج إليه جموع عظيمة، فردّهم مكسورين، وهجم قونية بالسيف، وقتل منهم عالمًا عظيمًا من المسلمين، وأقام بها خمسة أيام، فطلب قلج أرسلان منه الأمان فأمنه، وأخذ منه رهائن عشرين من أكابر دولته، وأشار على الملك أن يمروا على طرسوس ففعل، وقبل وصوله بعث إليّ رسولًا، فأنفذ المملوك خاتمًا، وصحبته ما سأل، وجماعة إليه، فكثرت عليه العساكر ونزل على نهرٍ فأكل خبزًا ونام، ثم تاقت نفسه إلى الاستحمام ففعل، فتحرك عليه مرضٌ عظيم ومات بعد أيام قلائل، وأما لافون فسار لتلقيه، فلما علم بهذا احتمى بحصنٍ له. وأما ابن ملك الألمان فكان أبوه منذ خرج نصب ولده هذا عوضه، وتأطدت قواعده، فلما بلغه هرب رسل لافون نفذ يستعطفهم فأحضرهم


(١) مفرج الكروب ٢/ ٣٢٠ فما بعد.