للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيت المقدس وطلبوا منه أن يأذن لرعيته في إخراج سوق، وشبعوا وتزوَّدوا. وطلبوا من صاحب الروم جماعة تخفرهم من لصوص التركمان، فنفذ معهم خمسة وعشرين أميرًا، فما قدروا على منع الحرامية لكثرتهم، فغضب ملك الألمان، وقبض على أولئك الأمراء، وقيدهم ونهب متاعهم، ثم منهم من خلص، ومنهم من مات في الأسر.

وقال ابن واصل (١): جمع قطب الدّين صاحب قونية العساكر والتقاهم فكسروه كسرةً عظيمةً، وهجموا قونية بالسيف، وقتلوا منها عالمًا عظيمًا. ووصل إلى السّلطان مناصحة من ملك الأرمن صاحب قلعة الروم: كتاب المخلص الداعي الكاغيكوس أن ملك الألمان خرج من دياره، ودخل بلاد الهنكر، ثم أرض مقدم الروم، فقهره وأخذ رهائنه وولده وأخاه في جماعة، وأخذ منه أموالًا عظيمة إلى الغاية، وسار ملك الألمان حتى أتى بلاد الأرمن، فأمدهم صاحبها بالأقوات وخضع لهم، ثم ساروا نحو أنطاكية فنزل ملكهم يغتسل في نهر هناك، فغرق في مكانٍ منه لا يبلغ الماء وسط الرجل، وكفى اللَّه شره، وقيل: بل غرق في مخاضةٍ، أخذ فرسه التّيَار. وقيل: بل سبح فمرض أيامًا ومات، وصار في الملك بعده ولده، وسار إلى أنطاكية فاختلف أصحابه عليه، وأحب بعضهم العود إلى بلاده، ومال بعضهم إلى تمليك أخ له فرجعوا، فسار من ثبت معه فوصلوا إلى أنطاكية، فكانوا نيفا وأربعين ألفا، فوقع فيهم الوباء وتبرم بهم صاحب أنطاكية، وحسن لهم المسير إلى الفرنج الذين على عكا، فساروا على جبلة واللاذقية، وتخطف المسلمون منهم فبلغوا طرابلس، وأقاموا بها أيامًا، فكثر فيهم الموت، ولم يبق منهم إلاّ نحو ألف رجل، وركبوا في البحر إلى الفرنج الذين على عكا، فلما وصلوا ورأوا ما نالهم وما هم فيه من الاختلاف عادوا إلى بلادهم، فغرق بهم المراكب، ولم ينج منهم أحدٌ. وردّ اللَّه كيدهم في نحرهم.

قال ابن واصل (٢): ورد كتاب الملك الظاهر من حلب إلى والده يخبره أنه قد صحَّ أن ملك الألمان قد خرج من جهة القسطنطينية في عدةٍ عظيمةٍ،


(١) مفرج الكروب ٢/ ٣٢٠ فما بعد.
(٢) مفرج الكروب ٢/ ٣١٠.