قال الحافظ الضياء، ومن خطه نقلت، قال: خرج إلى الصيد، فجاءته كتب من دمشق في أذية أصحابنا الحنابلة، فقال: إذا رجعنا من هذه السفرة كل من كان يقول بمقالتهم أخرجناه من بلدنا. فرماه فرسه، ووقع عليه فخسف صدره. كذا حدثني يوسف بن الطفيل، وهو الذي غسله.
قال المنذري: توفي في العشرين من المحرم، وعاش ثمانيًا وعشرين سنة، وأقيم بعده ولده في الملك، صبي دون البلوغ، فلم يتم.
وقال الموفق عبد اللطيف: كان العزيز شابًا، حسن الصورة، ظريف الشمائل، قويًا، ذا بطش وأيد، وخفة حركة، حييًا، كريمًا، عفيفًا عن الأموال والفروج. وبلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة ولا خاص ولا برك ولا فرس، وأما بيوت أصحابه وأمرائه فتفيض بالخيرات. وكان شجاعًا مقدامًا.
وبلغ من عفته أنه كان له غلام تركي اشتراه بألف دينار يقال له أبو شامة، فوقف على رأسه خلوةً. فنظر إلى جماله، فأمره أن ينزع ثيابه، وجلس معه مقعد الفاحشة، فأدركه التوفيق ونهض مسرعًا إلى بعض سراريه، فقضى وطره، وخرج والغلام بحاله، فأمره بالتستر والخروج.
وأما عفته عن الأموال فلا أقدر أن أصف حكاياته في ذلك.
ثم حكى الموفق ثلاث حكايات في المعنى.
وقال ابن واصل: كانت الرعية يحبونه محبة عظيمة شديدة، وفجعوا بموته، إذ كانت الآمال متعلقة بأنه يسد مسد أبيه.
ثم حكى ابن واصل حكايتين في عدله ومروءته رحمه الله وسامحه.
ولما سار الملك الأفضل أخوه مع العادل ونازلًا بلبيس، وتزلزل أمره، بذلت له الرعية أموالها ليذب عن نفسه فامتنع.
قال ابن واصل: وقد حكي أنه لما امتنع قيل له: اقترض من القاضي الفاضل، فإن أمواله عظيمة. فامتنع، فألحوا عليه، فاستدعى القاضي الفاضل، فلما رآه مقبلًا وهو يراه من المنظرة قام حياءً، ودخل إلى النساء. فراسلته الأمراء وشجعوه، فخرج وقال له بعد أن