من بيت الحديث، ذكره ابن النجار فقال: كان حافظًا ذا فهم ثاقب وإدراك صائب. وكان من أصحاب الحافظ أبي العلاء العطار، خصّيصًا به، مقدّمًا عنده.
قدم بغداد، وحدّث عن محمد بن علي بن كاكويه الكاتب، وأبي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي، وأبي جعفر محمد بن أبي علي الحافظ، وهبة الله ابن أخت الطويل.
روى عنه محمد بن محمود الحرّاني، وأبو الحسن القطيعي.
وتوفي في المحرم عن اثنتين وخمسين سنة.
١٨٥ - منصور بن نصر بن منصور بن الحسين، أبو بكر ابن العطار الحرّاني، ثم البغدادي، الكاتب الوزير.
كان أبوه من كبار التجار.
قال ابن النجار: نشأ أبو بكر، وسمع الكثير وقرأ العلم.
وقال ابن الدّبيثي: لقبه ظهير الدين.
سمع من ابن ناصر، وأبي بكر الزاغوني، وأبي الوقت.
سمع منه مكّي الغرّاد. فلما مات أبوه بسط يده في المال وخالط الدولة.
قال ابن النجار: ورث نعمةً طائلة، وخالط الكبراء وأرباب المناصب، وبذل معروفه، وتوصّل حتى صار له اختصاص بالإمام المستضيء قبل أن يلي الخلافة. فلما استخلف قرّبه وولاّه مشارفة المخزن، ثم ولاّه نظر المخزن والوكالة المطلقة، وارتفع أمره. فلما قتل الوزير أبو الفرج ابن رئيس الرؤساء ردّ المستضيء جميع أمور دواوينه إليه، وناب في الوزارة. وكان كل الدولة يحضرون عنده. وكان يولّي ويعزل. وكان شهمًا مقدامًا، له هيبة عظيمة، وشدّة وطأة، ولم يزل على ذلك حتى مات المستضيء، فأقرّه الناصر على نظر المخزن فقط، ثم خلاّه أيامًا وقبض عليه وسجنه أيامًا، ومات.
وبلغني أن مولده سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.
وأنبأنا ابن الجوزي قال: منصور ابن العطار كان مقدامًا على القطع والصلب، ولما مات حمل إلى بيت أخته، فأخرج بعد الصبح، فعلم به الناس فضربوا التابوت بالآجر، ثم رمي فطرح التابوت في النار، وخرّق الكفن، وأخذ القطن، فأخرج عريانًا، وشدّ في رجله