تستوحش منّا؟ فلم ينزل. ففوّق واحدٌ منهم سهمًا وقال: انزل وإلا قتلتُك. فنزل إليهم، فقبضوا عليه في سادس جُمَادى الآخرة.
وأخرجوا أبا العبّاس محمد ابن المقتدر وأمّه، وبايعوه بالخلافة ولقّبوه الرّاضي بالله، فأحضر علي بن عيسى وأخاه عبد الرحمن واعتمد على رأيهما، وأدخل علي بن عيسى، والقاضي أبو الحسين عمر بن محمد بن يوسف، والقاضي أبو محمد الحسن بن عبد الله بن أبي الشّوارب، والقاضي أبو طالب ابن البُهْلُول على القاهر، فقال له طريف السْكُرِيّ: ما تقول؟ قال: أنا أبو منصور محمد ابن المعتضد، لي في أعناقكم بَيعة وفي أعناق النّاس، ولست أُبَرِّئكم ولا أُحَلّكم منها، فقوموا فقاموا، فلما بُعدوا قال القاضي لطريف: وأي شيء كان مجيئنا إلى رجلٍ هذا اعتقاده؟ فقطب علي بن عيسى وقال: يُخلع ولا نفكَّر فيه. أفعاله مشهورة.
قال القاضي أبو الحسين: فدخلتُ على الرّاضي وأعدتُ ما جرى سرًّا، وأعلمته بأنّي أرى إمامته فَرْضًا. فقال: انصرف ودعني وإيّاه. وأشار سِيما مقدّم الحُجَرّية على الرّاضي بسمله. فأرسلَ سيما وطريفًا إلى البيت الّذي فيه القاهر، فَكُحِّل بمِسمار مُحَمَّى.
ثمّ طلب الرّاضي من علي بن عيسى أن يلي الوزارة، فامتنع، فقال: يتولّى أخوك عبد الرحمن. فقال: لا. فاستوزر ابن مُقْلَة بعد أن كتب له أمانًا.
وقال محمود الأصبهانيّ: كان سبب خلع القاهر سوء سيرته وسفْكه الدّماء. فامتنع عليهم من الخلع فَسَمَلوا عينيه حتّى سالتا على خدَّيه. وكانت خلافته سنة ونصفًا وأسبوعًا.
وقال الصُّوليّ: كان أهْوَج، سفّاكًا للدّماء، قبيح السّيرة، كثير التَّلوُّن والاستحالة، مُدمن الخمر. ولولا جَوْدة حاجبه سلامة لأهلك الحْرث والنَّسْل. وكان قد صنع حربة يحملها فلا يطرحها حتّى يقتل بها إنسانًا.
وقال محمد بن علي الخراساني (١): أحضرني القاهر يومًا والحَرْبةُ بين يديه، فقال: قد علمت حالي إذا وضعت هذه. فقلت: الأمان. فقال: على