إلى الإسكندرية فأحتطب وأتقوت بثمنه. وكنت أدخل المسجد وأقف على الحلق. فيسهل الله على لسانهم ما كنت أريد أن أسأل عنه فأحفظه وأعمل به فسمعت مرةً حكاية يحيى بن زكريا ﵇ وما عملوا به، فقلت في نفسي: إن الله ابتلاني بشيء في يدي صبرت. ثم خرجت إلى ثغر طرسوس، وكنت آكل المباحات، ومعي حجفة (١) وسيف. وكنت أقاتل العدو مع الناس، فآواني الليل إلى غارٍ، فقلت في نفسي: إني أزاحم الطير في أكل المباحات. فنويت أن لا آكل. فمررت بعد ذلك بشجرة، فقطعت منها شيئًا، فلما أردت أن آكلها ذكرت فرميته. ثم دخلت المغارة، فإذا قومٌ لصوص، فلم نلبث أن جاء صاحب الشرطة، فدخل الغار فأخذهم وأخذني معهم. قال: ثم إنهم قدموني بعد أن قطعوا أيديهم، فلما قدمت قال اللصوص: لم يكن هذا الأسود معنا. وكان أهل الثغر يعرفوني. فغطى الله تعالى عنهم أمري حتى قطعوا يدي. فلما مدوا رجلي قلت: يا رب، هذه يدي قطعت لعقدٍ عقدته، فما بال رجلي؟ قال: فكأنه كشف عنهم فقالوا: هذا أبو الخير. واغتموا لي. فلما أرادوا أن يغمسوا يدي في الزيت امتنعت وخرجت، وبت بليلة عظيمة، ونمت فرأيت النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله فعلوا بي وفعلوا. فأخذ يدي المقطوعة فقبلها، فأصبحت لا أجد ألم الجرح.
صلى أبو الخير بأصحابه يومًا، فلما سلم قال رجلٌ: لحن الشيخ. فلما كان نصف الليل خرج الرجل ليبول، فرأى أسدًا والشيخ يطعمه، فغشي على الرجل. فقال الشيخ: منهم من يكون لحنه في قلبهومنهم من يلحن بلسانه. رواها أبو سعد السمان الحافظ عن جماعة من شيوخه. ورواها الحاكم عن أبي عثمان المغربي، وذكرها أبو القاسم القشيري في الرسالة.
وقال أبو ذر الحافظ: سألت عيسى كيف حديث السبع؟ فقال: كان أبي يخرج خارج الحصن وثم آجامٌ كثيرة وسباع. وكان أبي يضرب السبع ويقول: لا تؤذي أصحابي. فلما كان ذات يومٍ قال لي: ادخل القرية فأتنا بعيشٍ فتركت ما أمرني به واشتغلت باللعب مع الصبيان وجئته العشاء، فغضب وقال: لأبيتنك في الأجمة. فأخذني تحت إبطه وحملني إلى أجمةٍ