للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو من أهل المغرب. نزل تينات من أعمال حلب. وكان أسود اللون، سيدًا من سادات الكون. قيل: اسمه حماد بن عبد الله. صحب أبا عبد الله بن الجلاء؛ وسكن جبل لبنان مدة. حكى عنه محمد بن عبد الله الرازي، وأحمد بن الحسن، ومنصور بن عبد الله الأصبهاني، وغيرهم.

قال السلمي: كان ينسج الخوص بإحدى يديه لا يدري كيف ينسجه، وله آيات وكرامات، تأوي السباع إليه وتأنس به (١).

وقال القشيري (٢): كان كبير الشأن، له كرامات وفراسة حادة.

قال القشيري (٣): قال أبو الحسين القيرواني: زرت أبا الخير التيناتي، فلما ودعته خرج معي إلى باب المسجد فقال: يا أبا الحسين أنا أعلم أنك لا تحمل معك معلومًا، ولكن احمل معك هاتين التفاحتين. قال: فأخذتهما ووضعتهما في جيبي وسرت، فلم يفتح لي بشيء ثلاثة أيام، فأخرجت واحدةً وأكلتها، ثم أردت أن أخرج الثانية فإذا هما في جيبي. فكنت كلما أكلت واحدة وجدتهما بحالهما إلى أن وصلت إلى باب الموصل، فقلت في نفسي: إنهما يفسدان علي حال توكلي، فأخرجتهما من جيبي فنظرت، فإذا فقير مكفوف في عباءة يقول: أشتهي تفاحة. فناولته إياهما. فلما عبرت وقع لي أن الشيخ إنما بعثهما إليه فرجعت فلم أجد الفقير.

وقال أبو نعيم الحافظ (٤): حدثنا غير واحد ممن لقي أبا الخير يقول: إن سبب قطع يده أنه كان عاهد الله أن لا يتناول لشهوة نفسه شيئًا، فرأى يومًا بجبل لكام شجرة زعرور، فأخذ منها غصنًا قطعه وأكل من الزعرور، فذكر عهده فرماه. ثم كان يقول: قطعت عضوًا من شجرة فقطع مني عضوًا.

وقال أبو ذر عبد بن أحمد الحافظ: سمعت عيسى بن أبي الخير الأقطع بمصر يقول، وكان صالحًا، وسألته: لم كان أبوك أقطع؟ فذكر أنه كان عبدًا أسود قال: فضاق صدري، فدعوت الله فأعتقت، فكنت أجيء


(١) انظر طبقات الصوفية ٣٧٠.
(٢) الرسالة القشيرية ١/ ١٨٩.
(٣) الرسالة ٢/ ٤٨٨.
(٤) حلية الأولياء ١٠/ ٣٧٨.