للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعيدة لا أهتدي للطريق منها، ورماني ورجع. فلم أزل أبكي وأصيح، ثم أخذني النوم فانتبهت سحرا، فإذا أنا بالسبع إلى جنبي وأبي قائمٌ يصلي. فلما فرغ قال له: قم فإن رزقك على الساحل. فمضى السبع.

وقال السلمي (١): سمعت منصور بن عبد الله الأصبهاني يقول: سمعت أبا الخير الأقطع يقول: دخلت مدينة الرسول وأنا بفاقة، فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقًا، فتقدمت إلى القبر، وسلمت على النبي وعلى أبي بكر وعمر وقلت: أنا ضيفك الليلة يا رسول الله. قال: ونمت خلف المنبر، فرأيت في المنام رسول الله وأبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله، وعلي بين يديه. فحركني علي وقال: قم قد جاء رسول الله . فقمت إليه وقبلت بين عينيه، فدفع إلي رغيفًا فأكلت نصفه، وانتبهت، فإذا في يدي نصف رغيف.

قال السلمي: سمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول: دخل على أبي الخير الأقطع بعض البغداديين وقعدوا يتكلمون بشطحهم فضاق صدره، فخرج. فلما خرج جاء السبع فدخل البيت فسكتوا، وانضم بعضهم إلى بعض، فدخل أبو الخير فقال: أين تلك الدعاوى؟

وعن أبي الحسين بن زيد قال: ما كنا ندخل على أبي الخير وفي قلبنا سؤال إلا تكلم علينا في ذلك الموضع.

ومن كلامه قال: ما بلغ أحدٌ إلى حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة، ومعانقة الأدب وأداء الفرائض، وصحبة الصالحين، وحرمة الفقراء الصادقين.

وقال: حرامٌ على قلبٍ مأسور بحب الدنيا أن يسيح في روح الغيوب.

وقال السلمي: سمعت أبا الأزهر يقول: عاش أبو الخير مائة وعشرين سنة، ومات سنة تسعٍ وأربعين وثلاث مائة، أو قريب من ذلك (٢).

(آخر الطبقة والحمد لله)


(١) طبقات الصوفية ٣٧٠.
(٢) انظر ترجمته في تاريخ دمشق ٦٦/ ١٦٠ - ١٧٣.