للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي إسحاق، عن البراء قال: بينا عمر يخطب إذ قال: أفيكم سواد بن قارب؟ فلم يجبه أحد تلك السنة، فلما كانت السنة المقبلة قال: أفيكم سواد بن قارب؟ قالوا: وما سواد بن قارب؟ قال: كان بدء إسلامه شيئا عجبا، فبينا نحن كذلك، إذ طلع سواد بن قارب، فقال له: حدثنا ببدء إسلامك يا سواد. قال: كنت نازلا بالهند، وكان لي رئي من الجن، فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ جاءني في منامي ذلك قال: قم فافهم واعقل إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب، ثم أنشأ يقول:

عجبت للجن وأنجاسها … وشدها العيس بأحلاسها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى … ما مؤمنوها مثل أرجاسها

فانهض إلى الصفوة من هاشم … واسم بعينيك إلى راسها

يا سواد، إن الله قد بعث نبيا فانهض إليه تهتد وترشد، فلما كان من الليلة الثانية أتاني فأنبهني، ثم قال:

عجبت للجن وتطلابها … وشدها العيس بأقتابها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى … ليس قداماها كأذنابها

فانهض إلى الصفوة من هاشم … واسم بعينيك إلى نابها (١)

فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فأنبهني، ثم قال:

عجبت للجن وتخبارها … وشدها العيس بأكوارها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى … ليس ذوو الشر كأخيارها

فانهض إلى الصفوة من هاشم … ما مؤمنو الجن ككفارها

فوقع في قلبي حب الإسلام، وشددت رحلي، حتى أتيت النبي ، فإذا هو بالمدينة، والناس عليه كعرف الفرس، فلما رآني قال: " مرحبا بسواد بن قارب، قد علمنا ما جاء بك " قلت: يا رسول الله قد قلت شعرا فاسمعه مني:

أتاني رئيي بعد ليل وهجعة … ولم يك فيما قد بلوت بكاذب

ثلاث ليال قوله كل ليلة … أتاك نبي من لؤي بن غالب


(١) كتب المصنف في حاشية نسخته: أي: سيدها.