للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلادهم التي أقطعهم الملك الصالح.

ثم تواترت كتب المظفر ورسله على الصالح يحضه على قصد حمص، وقدم على الصالح عمه الصالح إسماعيل من بعلبك، فأظهر له الود وحلف له، ورجع إلى بلده ليومه.

وأما العادل فانزعج بمصر لقدوم أخيه وأخذه دمشق، وخاف. ثم ورد على الصالح رسول ابن عمه الناصر داود بمؤازرته بأخذ مصر له بشرط أن تكون دمشق للناصر، فأجابه. ثم برز الصالح إلى ثنية العقاب (١)، وأقام أياماً ليقصد حمص. وجاءه أستاذ داره حسام الدين بن أبي علي الهذباني من الشرق، فدبر الدولة بعقله وفضله. وجاءته القصاد من أمراء مصر سراً يدعونه إلى مصر ليملكها، فتحير هل يقصد مصر أو حمص؟ ثم رجح مصر فترحل إلى الغور، وبلغه مجيء جماعة أمراء من مصر مقفرين، فنزلوا بغزة. وكان مع الصالح نحو ستة آلاف فارس جياد، وفيهم عماه مجير الدين يعقوب وتقي الدين عباس وجماعة من الأمراء المعظمية، وجاءه الأمراء المصريون بخربة اللصوص، ومعه ولده المغيث عمر. ونزل بقلعة دمشق ولده الصغير مع وزيره صفي الدين ابن مهاجر، فمات الصبي، ثم سار إلى نحو نابلس، وكان الناصر داود بمصر، فنزل بجيشه مدينة نابلس ثلاثة أشهر.

ولما لم يقع اتفاق بين الصالح وابن عمه الناصر، ذهب الناصر إلى مصر فتلقاه العادل واتفقا على محاربة الصالح، ووعده العادل بدمشق.

وتواترت على الصالح كتب أمراء مصر يستدعونه لأنه كان أميز من أخيه وأعظم وأخلق بالملك. وممن كاتبه فخر الدين ابن شيخ الشيوخ، فعلم به العادل فحبسه. واستعمل الصالح نوابه على أعمال القدس، وغزة، وإلى العريش. وجهز عسكراً إلى غزة، وضربت خيمته على العوجاء، وعملوا الأزواد لدخول الرمل، وقدم عليه رسول الخلافة ابن الجوزي. وأرسل إلى الصالح إسماعيل ليمضي معه إلى مصر، فتعلل واعتذر، وسير إليه ولده الملك المنصور محموداً نائباً عنه، ووعده بالمجيء، وهو في الباطن عمال على أخذ دمشق.

ودخلت سنة سبع وثلاثين فبرز العادل إلى بلبيس، وأخذ ابن الجوزي في الإصلاح بين الأخوين على أن تكون دمشق وأعمالها للصالح مع ما بيده من


(١) فرجة في الجبل المطل على غوطة دمشق، فيها الطريق إليها من حمص.