توفي الشيخ في سلخ رجب سنة ثمانٍ وخمسين بقرية علم ودفن بها.
فأخبرني والدي أن أباه أوصى أن يدفن في تابوت وقال: يا بني أنا لا بد أن أُنقل إلى الأرض المقدسة، فنقل بعد اثنتي عشرة سنة، وسرت معه إلى دمشق، وشهدت دفنه، وذلك في تاسع المحرم سنة سبعين، ورأيت في سفري معه عجائب، منها أنا كنا لا نستطيع غالب الليل أن نجلس عنده لكثرة تراكم الجن عليه وزيارتهم له.
قلت: وقبره ظاهر يزار بزاوية ابن ابنه الشيخ القدوة العارف شيخنا أبي عبد الله محمد بن عمر، نفع الله ببركته.
٤٧٨ - أبو علي بن محمد ابن الأمير أبي علي بن باساك، الأمير الكبير، حسام الدّين الهذبانيّ، المعروف بابن أبي علي.
كان رئيسا مدبرا، خبيرا، قوي النفس.
قال قطب الدّين: طلبه الملك الناصر يوما فقال: وددت الموت الساعة، فإن ناصر الدّين القيمريّ عن يساره، وابن يغمور عن يمينه، والموت أهون من القعود تحت أحدهما، وأما ناصر الدّين القيمريّ فإنه سمح له بالقعود فوقه، وفهم ذلك قبل وصوله، فتهلل وجهه ودخل، فأكرموه كرامة عظيمة، وجلس إلى جانب السلطان.
وكان له اختصاص بالملك الصالح نجم الدّين أيوب، فلما تملّك الصالح إسماعيل حبسه وضيّق عليه، ثم أفرج عنه: وتوجه إلى مصر، وقد ناب في السلطنة بدمشق لنجم الدّين أيوب عقيب الخوارزمية، وجاء فحاصر بعلبك سنة أربع وأربعين، وبها أولاد الصالح إسماعيل، فسلموها بالأمان، ثم ناب في السلطنة بمصر.
وتوفي أبوه عنده، فبنى على قبره قبة.
وكان على نيابة السلطنة عند موت الصالح نجم الدّين، فجهز القُصّاد إلى حصن كيفا إلى الملك المعظم ليسرع.
ثم حج الأمير حسام الدّين سنة تسعٍ وأربعين، وأصابه في أواخر عمره