للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفالوذج سَمْنُهُ سُمُّ الأفاعي، وها أَنَا أذكرُ لك منه أبياتًا لتشهدَ بصدق دعواي، فإنه قَالَ - تعالى اللَّه عما يَقُولُ (١) -:

وكُلُّ الْجِهَاتِ السِّتِّ نحوي مشيرةٌ … بِمَا تَمَّ مِنْ نسكٍ وحجٍّ وَعُمْرَةِ

لَهَا صَلَوَاتي بالمُقَام أُقِيمُها … وَأَشْهَدُ فيها أنَّها لِيّ صلَّت

كِلَانا مصلٍّ واحدٌ ساجدٌ إلى … حقيقِتهِ بالْجَمْع فِي كُلِّ سَجْدَةِ

إلى كَمْ أُوَاخي السِّتر ها قَدْ هَتَكْتُهُ … وحلُّ أَوَاخي الحُجبِ فِي عَقْدِ بَيْعَتي

وَهَا أَنَا أُبْدي في اتِّحادي مَبْدَئي … وأُنْهي انْتِهائي فِي تَوَاضُع رِفْعَتي

فإنْ لَمْ يجوِّز رُؤْيَةَ اثنينِ واحدًا … حِجَاكَ ولم يُثبتْ لِبعد تثبُّت

فبي موقفي، لَا بل إليَّ توجُّهي … ولكِنْ صلاتيَ لي، ومنِّي كَعْبَتي

فَلَا تَكُ مَفْتُونًا بحسِّك مُعْجَبًا … بنفسِكَ مَوْقُوفًا عَلَى لَبْسِ غرَّة

وَفَارقْ ضلالَ الفَرْقِ فالجمعُ منتجٌ … هدى فرقةٍ بالاتّحاد تحدَّت

وصرِّح بإطلاقِ الجمالِ وَلَا تَقُلْ … بِتَقْييدِه مَيْلًا لِزُخْرُفِ زينَةِ

فكلُّ مليحٍ حُسْنُه من جَمالِها … معارٌ لَهُ أو حُسْنُ كلِّ مليحة

بها قيس لبنى هام بل كل عاشقٍ … كمَجْنُونِ لَيْلَى أو كثيِّر عزَّة

وما ذَاكَ إلاَّ أنْ بَدَتْ بمظاهرٍ … فظُّنوا سِوَاها وَهِيَ فيهم تجلَّت

وما زِلْتُ إيَّاها، وإيَّاي لَمْ تَزَلْ … ولا فَرْقَ بَلْ ذاتي لذاتي أحبَّت

وَلَيْسَ مَعي فِي المُلْك شيءٌ سِوايَ … والمعيَّة لَم تَخْطُرْ عَلى ألمعيَّتي

وَهَا " دحيةٌ " وَافَى الأَمينَ نبيَّنا … بصورَتهِ فِي بَدْءِ وَحْيِ النُّبوَّة

أَجِبْريلُ قُلْ لي كَانَ دحيةٌ إذْ بَدا … لمُهْدِي الهُدَى فِي صورةٍ بشريَّة

ومنها:

ولا تَكُ مِمَّنْ طَيَّشَتْهُ دُروسُه … بِحيثُ استَقَلَّتْ عَقْلَه فاسْتَقَرَّتِ

فثَمَّ وراءَ النَّقْل علمٌ يَدقُّ عن … مداركِ غاياتِ العُقولِ السَّليمةِ


(١) هذه الأبيات من قصيدة التائية الكبرى المعروفة بنظم السلوك المشهورة التي مطلعها.
سقتني حُميا الحب راحة مقلتي … وكأسي مُحيا عن الحسن جَلتِ
وهي في ديوانه: ١٧ - ٥٤ (من طبعة بيروت سنة ١٣٠٨ هـ) وص ٢٠ فما بعد من طبعة القاهرة سنة ١٣٥٣ هـ.