إذا حكى قول الكُفر أن يُسبّح اللّه ويقدسه ويمجده لينجيه من الكفر، ولقد اجتمعتُ بغير واحد مِمَّنْ كان يقول بوحدة الوجود ثُمَّ رجع وجدّد إسلامه، وبيّنوا لي مقالة هَؤُلَاء أن الوجود هُوَ الله تعالى، وأنه تعالى يظهر في الصور المليحة والأشياء البديعة.
ومن قصيدة ابن إسرائيل المسمّاة بعَرْف العرفان حيث يقول:
لقد حق لي عشق الوجود وأهله … وقد علقت كفّاي جمعًا بموجدي
نديمي من سعد أريحا ركائبي … فقد أمنت من أن تروح وتغتدي
ولا تلزماني النُّسْك فالحبّ شاغلي … ولا تذكرا لي الورد فالراح موردي
أمِن بعد ما قد برّد الوصْلُ غلّتي … وزار الكَرَى أجفانَ طَرْفي المسهَّدِ
وأمسيت والكاسات شمسي وأصبحت … عروسُ حمَيّا الرّاح تُجلَى على يدي
ونادمت فِي ديَر الحبيس غزالةً … وزُخرِف لي فِي هيكلِ الدَّيرِ مقعدي
منها:
ذَرَاني وعزْمي والدُّجى ومزاره … فقد أَبَتِ العَلياءُ إلّا تفرّدي
ولا تيأسًا من رَوْحه وتأسّيا … فكم مُعْرِضٍ فِي اليوم يقبلُ فِي غدِ
فتى الحبّ صَبٌّ باع مُهجة نفسهِ … لجيرةِ ذاك الحيّ نْقدًا بموعدِ
هُوَ الحبُّ إما مُنْية أو مَنِيّةٌ … ودون العُلَى حدُّ الحسام المهنَّدِ
ألم تريا أنّي وجدتُ تلذُّذي … برؤياهُ عُقْبَى حيرتي وتلدُّدي
وقد عشت دهرًا والجمالُ يهزّني … وتُطْربني الألحانُ من كلّ مُنْشدِ
وأغدو وَفِي ليل الغدائر دائبًا … أضلّ ومن صُبح المباسِمِ أهتدي
ويسقم جسمي كلّ جفنٍ وتارةُ … يورّد دمعي كلُّ خدٍّ مورّدِ
وأصبو متى هبت صبا حاجرية … تخبرني عن منجدٍ غير منجدي
فَلَمَّا تجلّى لي على كل شاهدٍ … وسامَرَنِي بالرَّمز فِي كلّ مشهدِ
تجنَّبت تقييدَ الجمال ترفُّعًا … وطالعتُ أسرارَ الجمال المبدَّدِ
وصار سماعي مطلقًا منه بدؤه … وحاشى لمثلي من سماع مقيد
ففي كلّ مشهودٍ لقلبي شاهدٌ … وَفِي كل مسموعٍ له لحنً مَعْبَدِ
أراه بأوصافِ الجمال جميعها … بغير اعتقاد للحلول المبعَّد (١)
(١) علق المصنف في حاشية نسخته بما يأتي: "ليته اعتقد الحلول، بل اعتقد اعتقادًا شرًا من =