وفي جمادى الآخرة اشتد الغلاء بدمشق حتى بلغت الغرارة مائة وثمانين درهمًا. وبيع الخبز عشر أواق بدرهم. ثم تناقص شيئًا وأما مصر فوصلت الأخبار بالرخص وذهاب الوباء ولله الحمد وأن الإردب نزل إلى خمسة وثلاثين درهمًا. ثم جاءت الأخبار بنزوله إلى خمسة وعشرين درهمًا وأما الحجاز فكان شديد القحط، فيقال إن غرارة القمح بلغت بالمدينة إلى ألف درهم.
وفي شعبان درس بالحنبلية بعد موت ابن المنجى ابن تيمية شيخنا.
وفي رمضان قدمت والدة سلامش ابن الملك الظاهر من بلاد الأشكري إلى دمشق، فنزلت بالظاهرية، ثم توجهت إلى مصر.
ومات المسعودي الأمير ببستانه وجاء بعده على ديوان نائب المملكة حسام الدين لاجين مملوكه الأمير سيف الدين جاغان.
وحج بالشاميين بهادر العجمي.
وفي ذي القعدة قدم السلطان الملك العادل بالجيش وزينت دمشق لمجيئه وصلى بمقصورة الخطابة وكان أسمر، مدور الوجه، صغير العين، قصيرًا، في ذقنه شعرات يسيرة وله رقبة قصيرة وكان يوصف بالشجاعة والإقدام والدين التام وحسن الخلق وسلامة الباطن والتواضع وترك الفواحش وعدم السفك للدماء وقلة الظلم. لكنه كان يضعف عن حمل أعباء الملك ويعوزه رأي وحزم ودهاء، مع ما فيه من التقوى وحسن الطوية.
وقدم معه الوزير ابن الخليلي فولي قضاء الحنابلة القاضي تقي الدين سليمان وخلع عليه وعلى بقية القضاة وعلى الوزير تقي الدين توبة وعلى قاضي العساكر المنصورة نجم الدين وعلى أخيه الصاحب أمين الدين وعلى المحتسب شهاب الدين الحنفي وعلى الأمراء.
وعزل من الوكالة تاج الدين ابن الشيرازي وصودر وولي مكانه نجم الدين ابن أبي الطيب.
ورسم على أسندمر والي البر وعلى المشد شمس الدين الأعسر وعلى جماعة من الدواوين وصودروا.