للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن شعره:

أسُكّان قلبي إنّ تناءوا وإن حلّوا … ومُلّاك ودّي واصلوني أو ملّوا

تساوى لديَّ البعدُ والقربُ فيكم … كما قد تساوى عندي الهجر والوصل

فإن شئتم صُدّوا وإنْ شئتم صِلُوا … فإنّ سواكم فِي فؤادي لا يحلو

سُهادي بكم أحلا لديَّ من الكرى … وأصعب ما ألقاه فِي حبكم سهل

بحق جنوني فِي الهوى بكم اسفكوا … دمًا هدرًا ما أن يراد له عقلُ

إذا آثرت قتلي سيوفُ لحاظكم … فأعذب شيء عند عبدكم القتلُ

أأخشى إذا استشهدت فيكم صبابةً … ببدرِ ومثلي ليس يخفى له فضلُ

دعوني منّي واصنعوا ما بدا لكم … فإنّي لمّا أهّلتموني له أهلُ

حلفتُ بتوريد الخدود وما جنت … عليَّ القدود الهيف والأعين النُّجلُ

وليلتنا بالسّفح إذ يسفح النّدا … دموعًا وإذ سمّارنا البان والأثلُ

لقد ضاع ذِكري فِي الوجود بحبّكم … كما ضاع فِي وجدي بحسنكم العذلُ

ودقّ عن الواشي حديث تولّهي … كما جلّ شوقي أنْ تبلغه الرسلُ

وصِرْتُ أمير العاشقين وكيف لا … ونقلُ أحاديثي لندمانهم نُقْلُ

فكلّ مُحبّ مات فيكم صبابةً … صُبابةُ كأسي أكسبته الضّنى قبلُ

وما سمحت روحي بحبّ سواكم … على أنّها ما من خلائقها البخلُ

نديميّ هَلْ فِي حبّهم من ندامة … فأتركه أم هَلْ لهم فِي الورى مثلُ

أردت بذلي فِي هواهم تقرُّبًا … ومَن عزَّ مَن يهواه لذَّ له الذّلُّ

ومن شِعره:

لا تشرب الراحَ إلّا مع أخي ثقة … يرعى مودّة أهلِ الحان فِي الحانِ

ولا يرى وجه ساقيها سوى رجلٍ … لا ينظر الخمر والخمارَ اثنانِ

إنّ غُيِّبت ذاتها عنّي فلي بصرٌ … يرى محاسنها فِي كلّ إنسانِ

فِي القلب سِرٌّ لليلى لو نطقت به … جهرًا لأفتوا بكفري بعد إيماني

السّرّ الَّذِي فِي قلْبه هُوَ أنّ العباد حقيقة المعبود، وأنّ المعبود حقيقة العباد؛ أي ليس اللّه عنده شيئًا آخر سوى المخلوقات، ولا لربّ العالمين وجود متميّز فِي نفس الأمر عن الموجودات. وهذا مذهب الدّهرية بعينه، لا بل شرّ من مذهب الدّهريّة، سبحان اللّه وتعالى عمّا يقولون عُلُوًّا كبيرًا. فينبغي للإنسان