فيها كانت وقعة الخوارج بحروراء بالنخيلة، قاتلهم علي - رضي الله عنه - فكسرهم، وقتل رؤوسهم وسجد شكرا لله تعالى لما أتي بالمخدج إليه مقتولا، وكان رؤوس الخوارج زيد بن حصن الطائي، وشريح بن أوفى العبسي، وكانا على المجنبتين، وكان رأسهم عبد الله بن وهب السبئي، وكان على رجالتهم حرقوص بن زهير.
وفيها بعث معاوية يزيد بن شجرة الرهاوي ليقيم الحج، فنازعه قثم بن العباس ومانعه، وكان من جهة علي، فتوسط بينهما أبو سعيد الخدري وغيره، فاصطلحا، على أن يقيم الموسم شيبة بن عثمان العبدري حاجب الكعبة.
وقيل توفي فيها أم المؤمنين، ميمونة، وحسان بن ثابت الأنصاري، وسيأتيان.
وكان علي قد تجهز يريد معاوية، فرد من عانات، واشتغل بحرب الخوارج الحرورية، وهم العباد والقراء من أصحاب علي الذين مرقوا من الإسلام، وأوقعهم الغلو في الدين إلى تكفير العصاة بالذنوب، وإلى قتل النساء والرجال، إلا من اعترف لهم بالكفر وجدد إسلامه.
ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، سمع محمد ابن الحنفية يقول: كان أبي يريد الشام، فجعل يعقد لواءه، ثم يحلف لا يحله حتى يسير، فيأبى عليه الناس، وينتشر عليه رأيهم، ويجبنون فيحله ويكفر عن يمينه، فعل ذلك أربع مرات، وكنت أرى حالهم فأرى ما لا يسرني. فكلمت المسور بن مخرمة يومئذ، وقلت: ألا تكلمه أين يسير بقوم لا والله ما أرى عندهم طائلا. قال: يا أبا القاسم يسير الأمر قد حم، قد كلمته فرأيته يأبى إلا المسير. قال ابن الحنفية: فلما رأى منهم ما رأى قال: اللهم إني قد مللتهم وملوني، وأبغضتهم وأبغضوني، فأبدلني خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا مني.