فاتخذت هذا مكانه - وأشار إلى سيفه - فوالله لأجرنه فيكم جر المرأة ذيلها، ولأفعلن ولأفعلن. قال يزيد: فرأيت الحصى متساقطا من أيديهم، وقال: قوموا إلى بيعتكم، فقامت القبائل قبيلة قبيلة تبايع، فيقول: من؟ فتقول: بنو فلان، حتى جاءته قبيلة فقال: من؟ قالوا: النخع، قال: منكم كميل بن زياد؟ قالوا: نعم، قال: فما فعل؟ قالوا: أيها الأمير شيخ كبير، قال: لا بيعة لكم عندي ولا تقربون حتى تأتوني به. قال: فأتوه به منعوشا في سرير حتى وضعوه إلى جانب المنبر، فقال: ألا لم يبق ممن دخل على عثمان الدار غير هذا، فدعا بنطع وضربت عنقه (١).
وقال أبو بكر الهذلي: حدثني من شهد الحجاج حين قدم العراق، فبدأ بالكوفة، فنودي: الصلاة جامعة، فأقبل الناس إلى المسجد، والحجاج متقلد قوسا عربية وعليه عمامة خز حمراء متلثما، فقعد وعرض القوس بين يديه، ثم لم يتكلم حتى امتلأ المسجد، قال محمد بن عمير: فسكت حتى ظننت أنه إنما يمنعه العي، وأخذت في يدي كفا من حصى أردت أن أضرب به وجهه، فقام فوضع نقابه، وتقلد قوسه، وقال:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا … متى أضع العمامة تعرفوني.
إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها، كأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى.
ليس بعشك فادرجي … قد شمرت عن ساقها فشمري
هذا أوان الحرب فاشتدي زيم … قد لفها الليل بسواق حطم
ليس براعي إبل ولا غنم … ولا بجزار على ظهر وضم
قد لفها الليل بعصلبي … أروع خراج من الدوي
مهاجر ليس بأعرابي
(١) هكذا وقع في هذه الرواية، وقال مثل ذلك ابن سعد في طبقاته ٦/ ١٧٩، قال. "فلما قدم الحجاج بن يوسف الكوفة دعا به فقتله". والمشهور أن كميلًا خرج مع عبد الرحمن بن الأشعث وقتله الحجاج سنة اثنتين وثمانين، كما حكى المدائني وخليفة بن خياط وغيرهما (وانظر تهذيب الكمال ٢٤/ ٢٢٢)، ومع ذلك ستأتي ترجمته مختصرة في هذه الطبقة (الترجمة ١٠٤)، كما ستأتي ترجمته المفصلة في الطبقة الآتية (الترجمة ١٣٠).