للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكروه من أخيك أو عمك، ولو لم أنقلك إلى الكرك لقصداك. ثم أمر شهاب الدين ونجم الدين ابني شيخ الإسلام بملازمة خدمة الصالح ومؤانسته، وهما من أخص أصحاب الناصر ومن أجناده - وقد ولي الشهاب هذا تدريس الجاروخية بدمشق. ولما تملك الصالح ديار مصر قصداه فأكرمهما وقدمهما، واستناب شهاب الدين على دار العدل. واستشهد نجم الدين على دمياط - وكان أولاد الناصر داود لا يزالون في خدمة الصالح بالكرك، ولم يفقد شيئاً من الإكرام.

ثم خير الناصر أصحاب الصالح بين إقامتهم عنده مكرمين وبين السفر إلى أين أحبوا، فاختار أكثرهم المقام عنده، فكان منهم البهاء زهير، وشهاب الدين ابن سعد الدين ابن كسا - وكان والده سعد الدين ابن عمة الملك الكامل- وأما الأستاذ دار حسام الدين ابن أبي علي وزين الدين أمير جندار فطلبا دستوراً، فأذن لهما، فقدما على الصالح إسماعيل، فقبض على حسام الدين وأخذ جميع ماله وقيده، وقيد جماعةً من أصحاب الصالح نجم الدين، وبقوا في حبسه مدة. ثم حول حسام الدين إلى قلعة بعلبك وضيق عليه.

ولما بلغ العادل ما جرى على أخيه أظهر الفرح ودقت البشائر وزينت مصر، وبعث يطلبه من الناصر فأبى عليه.

فلما كان في أواخر رمضان سنة سبع طلب الملك الناصر داود الصالح نجم الدين فنزل إليه إلى نابلس، فضرب له دهليزاً والتف عليه خواصه، ثم أمر الناصر بقطع خطبة العادل، وخطب للصالح. ثم سارا إلى القدس وتحالفا وتعاهدا عند الصخرة على أن تكون مصر للصالح، والشام والشرق للناصر، ثم سارا إلى غزة. وبلغ ذلك العادل فعظم عليه، وبرز إلى بلبيس، وسار لنجدته الصالح إسماعيل من دمشق، فنزل بالغوار من أرض السواد. ثم خاف الناصر والصالح من جيش يلقاهما وجيش خلفهما، فرجعا إلى القدس. فما لبثا أن جاءت النجابون (١) بكتب المصريين يحثون الصالح، فقويت نفسه، وسار مجداً مع الناصر، وتملك مصر بلا كلفة، واعتقل أخاه. ثم جهز من أوهم الناصر بأن الصالح في نية القبض عليه فخاف وغضب وأسرع إلى الكرك.


(١) النجابون: أصحاب البريد.