والمعرة، وأن يكون لابن نور الدين حلب وجميع أعمالها. وتحالفوا ورد إلى حماة، فجاءه رسل المستضيء بالهدايا والتشريفات والتهنئة بالملك.
ثم سار إلى حصن بارين، فحاصره ثم أخذه.
وأنعم بحمص على ابن عمه الملك ناصر الدين محمد ابن أسد الدين شيركوه، واستناب بقلعة دمشق أخاه سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين. ورجع من حمص فسار إلى بعلبك، فأخذها من الخادم يمن الريحاني ثم أعطاها للأمير شمس الدين محمد ابن المقدم، فعصى عليه في سنة أربع وسبعين فسار إليه، ثم حاصره أشهرا.
ومن كتاب فاضلي إلى العادل نائب مصر عن أخيه صلاح الدين: قد أعلمنا المجلس أن العدو المخذول كان الحلبيون قد استنجدوا بصلبانهم واستطالوا على الإسلام بعدوانهم، وأنه خرج إلى حمص، فوردنا حماة وترتبنا للقاء، فسار العدو إلى حصن الأكراد متعلقا بحبله مفتضحا بحيله، وهذا فتح تفتح له القلوب، قد كفى الله فيه القتال المحسوب.
ومن كتاب فاضلي إلى الديوان العزيز من السلطان مضمونه تعداد ما للسلطان من الفتوحات، ومن جهاد الفرنج مع نور الدين، ثم فتح مصر واليمن وأطراف المغرب، وإقامة الخطبة العباسية بها، ويقول في كتابه: ومنها قلعة بثغر أيلة بناها العدو في البحر، ومنه المسلك إلى الحرمين، فغزوا ساحل الحرم، وقتلوا وسبوا، وكادت القبلة أن يستولى على أصلها، والمشاعر أن يسكنها غير أهلها، ومضجع الرسول ﷺ أن يتطرق إليه الكفار. وكان باليمن ما علم من الخارج ابن مهدي الملحد، الذي سبى الشرائف الصالحات وباعهن بالثمن البخس واستباحهن، ودعا إلى قبر أبيه وسماه كعبة، وأخذ الأموال، فأنهضنا إليه أخانا بعسكرنا فأخذه، والكلمة هناك بمشيئة الله إلى الهند سامية. ولنا في المغرب أثر أغرب، وفي أعماله أعمال دون مطلبها مهالك، كما المهلك دون المطلب، وذلك أن بني عبد المؤمن قد اشتهر أن أمرهم قد أمر، وملكهم قد عمر، وجيوشهم لا تطاق، وأمرهم لا يشاق، ونحن فتملكنا ما يجاورنا منه بلادا تزيد مسافتها على شهر، وسيرنا إليه عسكرا بعد عسكر، فرجع بنصر بعد نصر، ومن ذلك: برقة، قفصة، قسطيلة، توزر؛ كل هذه تقام فيها الخطبة لأمير المؤمنين، ولا عهد لإقامتها من دهر.