للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على قوم فيهم أبو بكر إلا أن تتغير نفسي عند الموت.

فقال رجل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب (١)، منا أمير ومنكم أمير معشر المهاجرين. قال: وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى خشيت الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر! فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون وبايعته الأنصار. ونزوا (٢) على سعد بن عبادة، فقال قائل: قتلتم سعدا! فقلت: قتل الله سعدا!

قال عمر: فوالله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا أوفق من مبايعة أبي بكر، خشينا إن نحن فارقنا القوم، ولم تكن بيعة - أن يحدثوا بعدنا بيعة؛ فإما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما خالفناهم فيكون فساد!

رواه يونس بن يزيد عن الزهري بطوله، فزاد فيه: قال عمر: فلا يغترن امرؤ أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت، فإنها قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها، فمن بايع رجلا عن غير مشورة فإنه لا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا (٣). متفق على صحته (٤).

وقال عاصم بن بهدلة عن زر، عن عبد الله قال: لما قبض رسول الله قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. فأتاهم عمر، فقال: يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن أبا بكر قد أمره النبي أن يؤم الناس؟ قالوا: بلى، قال: فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر، يعني في الصلاة؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر! رواه الناس عن زائدة عنه.

وقال يزيد بن هارون: أخبرنا العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي قال: لما قبض رسول الله أتى عمر أبا عبيدة، فقال: ابسط يدك


(١) الجذيل: عود يُنصب للإبل الجَرْبى لتحتكَّ به، والعذق: الخلة، ورجَّبَ الخلة: دَعَمها ببناء تعتمد عليه، أو ضَمَّ أعذاقها إلى سعفاتها وشَدَّها بالخوص لئلا، تنفضها الريح، ويضرب مثلًا للرجل الذي يستشفى برأيه ويُعتمد عليه.
(٢) أي: وثبوا عليه.
(٣) أي: خوفًا أن يُقتلا.
(٤) البخاري ٨/ ٢٠٨، ومسلم ٥/ ١١٦، وانظر مسند أحمد (٣٩١) من طبعة العلامة الشيخ شعيب الأرنؤوط.