للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الثعالبي (١): كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام.

ومن شعره (٢):

أضاء لها فجر النهى فنهاها … عن الدنف المضنى بحر هواها

وضللها صبح جلا ليلة الدجى … وقد كاد يهديها إلي دجاها

وفي أول شأنه عمل هذه القصيدة، ومدح بها المنصور، وتكلموا فيه واتهموه بسرقة الشعر، فقال في المجلس لوقته (٣):

حسبي رضاك من الدهر الذي عتبا … وعطف نعماك للحظ الذي انقلبا

منها:

ولست أول من أعيت بدائعه … فاستدعت القول ممن ظن أو حسبا

إن امرأ القيس في بعض لمتهم … وفي يديه لواء الشعر إن ركبا

والشعر قد أسر الأعشى وقيده … دهرا وقد قيل والأعشى إذا شربا

وكيف أظمأ وبحري زاخر فطنا … إلى خيال من الضحضاح قد نضبا

عبد لنعماك في فكيه نجم هدى … سار بمدحك يجلو الشك والريبا

إن شئت أملى بديع الشعر أو كتبا … أو شئت خاطب بالمنثور أو خطبا

كروضة الحرن أهدى الوشي منظرها … والماء والزهر والأنوار والعشبا

أو سابق الخيل أعطى الحضر متئدا … والشد والكر والتقريب والخببا

وله في ذي الرياستين منذر بن يحيى صاحب سرقسطة (٤):

قل للربيع اسحب ملاء سحائبي … واجرر ذيولك في مجر ذوائبي

لا تكذبن ومن ورائك أدمعي … مددا إليك بفيض دمع ساكب

وامزج بطيب تحيتي غدق الحيا … فاجعله سقي أحبتي وحبائبي

واجنح لقرطبة فعانق تربها … عني بمثل جوانحي وترائبي

وانشر على تلك الأباطح والربا … زهرا يخبر عنك أنك كاتبي

وهي طويلة.


(١) يتيمة الدهر ٢/ ١٠٤، ونقله ابن خلكان في وفيات الأعيان ١/ ١٣٥.
(٢) انظر جذوة المقتبس (١٨٦).
(٣) نفسه
(٤) نفسه.