مرة بوصية، فقال لي في الكرة الأولى: يا جعفر، لا تكن رأسا، أي لا تمش قدام النّاس.
سمعت أبا يعقوب الوراق قال: سمعت عبد الغفار بن عبيد الله الإمام يقول: قال جعفر الأبهري: كان شيخ لنا بأبهر يقرأ شيئا على كل مريض فيبرأ، فإذا سأله النّاس عنه لم يخبرهم. فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: إنّ الذي يقرأ شيخك على النّاس: {وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ}، إلى آخر الآية. قال: فأخبرت شيخي بذلك فقال: مر، فإنك أهل لذلك. توفي في شوال عن ثمان وسبعين سنة، وقبره يزار ويبجل غاية التبجيل.
٢٦٢ - الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي ّ، أبو علي العكبري الحنبلي.
شيخ معمر جليل القدر، ولد سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وطلب الحديث وهو كبير. فسمع من أبي عليّ ابن الصواف، وأبي بكر بن خلاد، وأحمد بن جعفر القطيعي، وحبيب القزاز، فمن بعدهم، وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل، وكان عارفا بالمذهب وبالعربية والشعر. وثقه أبو بكر البرقاني، وقد نسخ الخط المليح الكثير، وكان بارع الكتابة بمرة.
روى عنه الخطيب، وغيره، ثم قال الخطيب: حدثنا عيسى بن أحمد الهمذاني قال: قال لي أبو عليّ ابن شهاب يوما: أرني خطك، فقد ذكر لي أنك سريع الكتابة. فنظر فيه فلم يرضه ثم قال لي: كسبت في الوراقة خمسة وعشرين ألف درهم راضية، وكنت أشتري كاغدا بخمسة دراهم، فأكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال، وأبيعه بمائتي درهم، وأقله بمائة وخمسين درهما، وكذلك كتب الأدب المطلوبة.
توفي ابن شهاب في رجب.
وقال الأزهري: أوصى بثلث ماله لفقهاء الحنابلة، فلم يعطوا شيئا أخذ السلطان من تركته ألف دينار سوى العقار.