وفيها قرئ عهد أبي نصر بن مروان الكُردي على آمد وديار بكر، وطُوق وسُور، ولُقب نصر الدولة.
ولم يحج أحد من العراق، وردّ حاجُّ خُراسان.
وفيها مات إيلك خان صاحب ما وراء النهر الذي أخذها من آل سامان بعد التسعين وثلاثمائة، وكان ملكا شجاعا، حازما، ظالما شديد الوطأة. وكان قد وقع بينه وبين أخيه الخان الكبير طُغان ملك التُرْك، فورث مملكته أخوه طغان، فمالأ السلطان محمود بن سُبكْتكين ووالاه وهادنه، وتردد له، فجاشت من جانب الصين جيوش لقصد طغان وبلاد الإسلام من ديار الترك وما وراء النهر يزيدون على مائة ألف خِركاه، لم يعهد الإسلام مثلها في صعيد واحد، فجمع طغان جمعا لم يسمع بمثله ونصره الله تعالى.
ومات السلطان بهاء الدولة أحمد ابن عضد الدولة، وكان مصافيا للسلطان محمود بن سُبُكْتكين مداريا له، مُؤثِرا لِمصافاته لحكم الجوار، والله أعلم.
[سنة أربع وأربعمائة]
في ربيع الأول انحدر فخر المُلك إلى دار الخلافة، فلما صعِد مِن الزَّبْزَب تلقاه أبو الحسن علي بن عبد العزيز ابن حاجب النعمان، وقبل الأرض بين يديه، وفعل الحُجاب كذلك ودخل الدار والحُجّاب بين يديهُ، وأجلس في الرواق، وجلس الخليفة في القُبَّة، ودعا فخر الملك، ثم كثر الناس وازدحموا، وكثر البَوسَ واللَّغَط، وعجز الحُجّابُ عن الأبواب، فقال الخليفة: يا فخر الملك، امنع من هذا الاختلاط، فرد بالدّبوس الناس، ووكل النُقباء بباب القبُة. وقرأ ابن حاجب النُعمان عهد سلطان الدولة بالتقليد والألقاب، وكتب القادر بالله علامته عليه، وأحضرت الخِلَع والتاج والطَّوْق والسواران واللواءان، وتولى عقدهما الخليفةُ بيده، ثم أعطاه سيفا وقال للخادم: اذهب قلده به، فهو فخر له ولعَقبه يفتح به شرق الأرض وغَربها، وبعث ذلك إلى شِيراز مع جماعة.